بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةٗ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ هُمۡ يَكۡفُرُونَ} (72)

قوله : { والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } ، يعني : خلق لكم من جنسكم إناثاً ، { وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أزواجكم بَنِينَ } ، أي : خلق لكم من نسائكم بَنِينَ { وَحَفَدَةً } ، أي : ولد الولد . ويقال : هم : الأَعوان ، والخدم ، والأصهار . وروي عن زر بن حبيش ، عن ابن مسعود أنه قال : الحفدة : الأختان . وقال مجاهد : الخدم ، وأنصاره ، وأعوانه . وعن ابن مسعود أنه قال : هم أصهاره . وقال الربيع بن أنس : البنون : بنو الرجل من امرأته . والحفدة : بنو المرأة من غيره . وقال زر بن حبيش : الحفدة : حشم الرجل . وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال : الولد الصالح . وقال أَهل اللغة : أصله في اللغة : السرعة في المشي ، ويقال : في دعاء التوتر : ونحفد ، أي : ونجتهد في الخدمة والطاعة .

ثم قال : { وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات } ، قال الكلبي : يعني : الحلال إن أخذتم به . وقال مقاتل : { الطيبات } ، الخبز ، والعسل ، وغيرهما من الأشياء الطيبة ، بخلاف رزق البهائم والطيور .

ثم قال : { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ } ، قال الكلبي : يعني : الآلهة ، وقال مقاتل : { أفبالباطل } ، يقول : بالشيطان يصدقون بأن مع الله إلهاً آخر . ويقال : { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ } يعني : أفيعبدون الأصنام التي لا تقدر على مضرتهم ، ولا على منفعتهم ، { وبنعمة الله هم يكفرون } ، أي : يجحدون بوحدانية الله تعالى ، ويقال : { وبنعمة الله هم يكفرون } ، فلا يؤمنون برب هذه النعمة .