التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةٗ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ هُمۡ يَكۡفُرُونَ} (72)

ثم ذكرت السورة الكريمة بعد ذلك نعمة أخرى من نعم الله - تعالى - على الناس ، فقال - تعالى - : { والله جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } .

أي : والله - تعالى - هو وحده الذي جعل لكم { من أنفسكم } ، أي : من جنسكم ونوعكم { أزواجا } لتسكنوا إليها ، وتستأنسوا بها ، فإن الجنس إلى الجنس آنس وأسكن .

قال - تعالى - : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً . . . } قال الإِمام ابن كثير : " يذكر - تعالى - نعمه على عبيده ، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجا ، أي : من جنسهم وشكلهم ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة ، ولكن من رحمته أنه خلق من بني آدم ذكورا وإناثا ، وجعل الإِناث أزواجا للذكور . . . " .

وقوله - سبحانه - : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، بيان لنعمة أخرى من نعمه - تعالى - والحفدة : جمع حافد ، يقال : حفد فلان ، يحفد حفدا : من باب ضرب ، إذا أسرع فى خدمة غيره وطاعته . ومن دعاء القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " ، أي : نسرع في طاعتك ياربنا . والمراد بالحفدة : أبناء الأبناء . روي عن ابن عباس أنه قال : الحفيد : ولد الابن والبنت ، ذكرا كان أو أنثى . وقيل : المراد بهم : الخدم والأعوان ، وقيل : المراد بهم : الأَختان والأصهار ، أي : أزواج البنات وأقارب الزوجة .