الحفدة : الأعوان والخدم ، ومن يسارع في الطاعة حفد يحفد حفداً وحفوداً وحفداناً ، ومنه : وإليك نسعى ونحفد أي : نسرع في الطاعة .
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت . . . *** بأكفهنّ أزمة الأجمال
كلفت مجهودها نوقاً يمانية . . . *** إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وتتعدى فيقال : حفدني فهو حافدي .
يحفدون الضيف في أبياتهم *** كرماً ذلك منهم غير ذل
قال أبو عبيدة : وفيه لغة أخرى ، أحفد إحفاداً ، وقال : الحفد العمل والخدمة .
وقال الخليل : الحفدة عند العرب الخدم .
وقال الأزهري : الحفدة أولاد الأولاد ، وقيل : الأختان .
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حفد مما يعد كثير ولكنها نفس عليّ أبية
ولما ذكر تعالى امتنانه بالإيجاد ثم بالرزق المفضل فيه ، ذكر امتنانه بما يقوم بمصالح الإنسان مما يأنس به ويستنصر به ويخدمه ، واحتمل أن أنفسكم أن يكون المراد من جنسكم ونوعكم ، واحتمل أن يكون ذلك باعتبار خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم ، فنسب ذلك إلى بني آدم ، وكلا الاحتمالين مجاز .
والظاهر أن عطف حفدة على بنين يفيد كون الجميع من الأزواج ، وأنهم غير البنين .
وقال ابن عباس والأزهري : الحفدة أولاد الأولاد ، واختاره ابن العربي .
وقال ابن عباس أيضاً : البنون صغار الأولاد ، والحفدة كبارهم .
وقال مقاتل : بعكسه ، وقيل : البنات لأنهنّ يخدمن في البيوت أتم خدمة .
ففي هذا القول خص البنين بالذكران لأنه جمع مذكر كما قال : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } وإنما الزينة في الذكورة .
وعن ابن عباس : هم أولاد الزوجة من غير الزوج التي هي في عصمته .
وقيل : وحفدة منصوب بجعل مضمرة ، وليسوا داخلين في كونهم من الأزواج .
فقال ابن مسعود ، وعلقمة ، وأبو الضحى ، وإبراهيم بن جبير : الأصهار ، وهم قرابة الزوجة كأبيها وأخيها .
وقال مجاهد : هم الأنصار والأعوان والخدم .
وقالت فرقة : الحفدة هم البنون أي : جامعون بين البنوة والخدمة ، فهو من عطف الصفات لموصوف واحد .
قال ابن عطية ما معناه : وهذه الأقوال مبنية على أن كل أحد جعل له من زوجه بنين وحفدة ، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس .
ويحتمل عندي أن قوله من أزواجكم ، إنما هو على العموم والاشتراك أي : من أزواج البشر جعل الله منهم البنين ، ومنهم جعل الخدمة ، وهكذا رتبت الآية النعمة التي تشمل العالم .
ويستقيم لفظ الحفدة على مجراها في اللغة ، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة انتهى .
وفي قوله : من أنفسكم أزواجاً دلالة على كذب العرب في اعتقادها أن الآدمي قد يتزوج من الجن ويباضعها ، حتى حكوا ذلك عن عمرو بن هندانة تزوج سعلاة .
ومِن في الطيبات للتبعيض ، لأن كل الطيبات في الجنة ، والذي في الدنيا أنموذج منها .
والظاهر أنّ الطيبات هنا المستلذات لا الحلال ، لأن المخاطبين كفار لا يتلبسون بشرع .
ولما ذكر تعالى ما امتن به من جعل الأزواج وما ننتفع به من جهتين ، ذكر مننه بالرزق .
والطيبات عام في النبات والثمار والحبوب والأشربة ، ومن الحيوان .
وقال مقاتل : الباطل الشيطان ، ونعمة لله محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال الكلبي : طاعة الشيطان في الحلال والحرام .
وقيل : ما يرجى من شفاعة الأصنام وبركتها .
قال الزمخشري : أفبالباطل يؤمنون وهو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها ، وما هو إلا وهم باطل لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة ، فليس لهم إيمان إلا به .
ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل ، وتمييزهم كافرون بها منكرون لها كما ينكر المحال الذي لا تتصوره العقول .
وقيل : الباطل ما يسول لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما ، ونعمة الله ما أحل لهم انتهى .
وقرأ الجمهور : يؤمنون بالياء ، وهو توقيف للرسول صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل ، ويندرج في التوقيف المعطوف بعدها .
وقرأ السلمي بالتاء ، ورويت عن عاصم ، وهو خطاب إنكار وتقريع لهم ، والجملة بعد ذلك مجرد إخبار عنهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.