المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

63- قل - أيها النبي - للمشركين : من الذي ينقذكم من أهوال البر والبحر ، إذا حلت بكم ، فلجأتم إليه تدعونه في خضوع ظاهر وباطن قائلين : نقسم لئن أنقذتنا من هذه الأهوال لنكونن من المقرين بفضلك ، القائمين بشكرك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

أي { قُلْ } للمشركين بالله ، الداعين معه آلهة أخرى ، ملزما لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية ، على ما أنكروا من توحيد الإلهية { مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } أي : شدائدهما ومشقاتهما ، وحين يتعذر أو يتعسر عليكم وجه الحيلة ، فتدْعون ربكم تضرعا بقلب خاضع ، ولسان لا يزال يلهج بحاجته في الدعاء ، وتقولون وأنتم في تلك الحال : { لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ } الشدة التي وقعنا فيها { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } لله ، أي المعترفين بنعمته ، الواضعين لها في طاعة ربهم ، الذين حفظوها عن أن يبذلوها في معصيته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

ثم ساق القرآن لوناً آخر من الدلائل الدالة على كمال قدرة الله وسابغ رحمته وفضله وإحسانه فقال - تعالى - : { قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ البر والبحر } .

قال صاحب الكشاف : ظلمات البر والبحر مجاز عن مخاوفهما وأهوالهما .

يقال لليوم الشديد يوم مظلم ويوم ذو كواكب ، أى اشتدت ظلمته حتى عاد كالليل "

وقيل : حمله على الحقيقة أولى فظلمة البر هى ما اجتمع فيه من ظلمة الليل ومن ظلمة السحاب فيحصل من ذلك الخوف الشديد لعدم الاهتداء إلى الطريق الصواب ، وظلمة البحر ما اجتمع فيه من ظلمة الليل وظلمة الرياح العاصفة والأمواج الهائلة فيحصل من ذلك أيضاً الخوف الشديد من الوقوع فى الهلاك .

والتضرع : المبالغة فى الضراعة مع الذل والخضوع . والخفية- بالضم والكسر - الخفاء والاستتار . وللكرب الغم الشديد مأخوذ من كرب الأرض وهو إثارتها وقلبها بالحفر . فالغم يثير النفس كما يثير الأرض كاربها .

والمعنى : قل يا محمد لهؤلاء الغافلين من الذى ينجيكم من ظلمات البر والبحر عندما تغشاكم بأهوالها المرعبة ، وشدائدها المدهشة ، إنكم فى هذه الحالة تلجأون إلى الله وحده تدعونه إعلانا وإسرارا بذلة وخضوع وإخلاص قائلين له : لئن أنجيتنا يا ربنا من هذه الشدائد والدواهى المظلمة لنكونن لك من الراسخين فى الشكر المداومين عليه

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

56

ثم يحاكمهم إلى فطرتهم التي تعرف حقيقة الألوهية ؛ وتلتجى ء إلى إلهها الحق في ساعة الشدة ؛ ويرسم لهم هذه الفطرة أمام الهول والكرب ؛ وكيف يخالفون عنها في اليسر والرخاء . . في مشهد قصير سريع ، ولكنه واضح حاسم ، وموح مؤثر .

إن الهول والكرب الذي ترتعد له الفرائض ليس مؤجلا دائما إلى يوم الحشر والحساب . فهم يصادفون الهول في ظلمات البر والبحر . فلا يتوجهون عند الكرب إلا لله ؛ ولا ينجيهم من الكرب إلا الله . . ولكنهم يعودون إلى ما كانوا فيه من الشرك عند اليسر والرخاء :

( قل : من ينجيكم من ظلمات البر والبحر ، تدعونه تضرعا وخفية : لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين . قل : الله ينجيكم منها ومن كل كرب ، ثم أنتم تشركون ) . .

إن تصور الخطر ، وتذكر الهول ، قد يردان النفوس الجامحة ، ويرققان القلوب الغليظة ، ويذكران النفس لحظات الضعف والإنابة ؛ كما يذكرانها رحمة الفرج ونعمة النجاة :

( قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية : لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين ) . .

إنها تجربة يعرفها كل من وقع في ضيقة ، أو رأى المكروبين في لحظة الضيق . . وظلمات البر والبحر كثيرة . وليس من الضروري أن يكون الليل لتتحقق الظلمات . فالمتاهة ظلام ، والخطر ظلام ، والغيب الذي ينتظر الخلق في البر والبحر حجاب . . وحيثما وقع الناس في ظلمة من ظلمات البر والبحر لم يجدوا في أنفسهم إلا الله يدعونه متضرعين أو يناجونه صامتين . . إن الفطرة تتعرى حينئذ من الركام ؛ فتواجه الحقيقة الكامنة في أعماقها . . حقيقة الألوهية الواحدة . . وتتجه إلى الله الحق بلا شريك ؛ لأنها تدرك حينئذ سخافة فكرة الشرك ، وتدرك انعدام الشريك ! ويبذل المكروبون الوعود .

( لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

يقول تعالى ممتنا على عباده في إنجائه المضطرين منهم { مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } أي : الحائرين الواقعين في المهامه البرية ، وفي اللجج البحرية إذا هاجت الريح{[10755]} العاصفة ، فحينئذ يفردون الدعاء له وحده لا شريك له ، كما قال : { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ [ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُورًا ] }{[10756]} [ الإسراء : 67 ] وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }{[10757]} [ يونس : 22 ] وقال تعالى : { أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ النمل : 63 ] .

وقال في هذه الآية الكريمة : { قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } أي : جهرا وسرا { لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ } أي : من هذه الضائقة { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } أي : بعدها ،


[10755]:في د: "الرياح".
[10756]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
[10757]:في م، أ: "مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق".