ثم بشرهم- سبحانه- بأنه سيلقى الرعب والفزع فى قلوب أعدائهم فقال- تعالى- : { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب بِمَآ أَشْرَكُواْ بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } .
والرعب : الخوف والفزع ، يقال رعبه يرعبه أى خوفه أصله من الملء يقال : سيل راعب ، إذا ملأ الأودية . ورعبت الحوض : ملأته .
والسلطان : الحجة والبرهان وسميت الحجة سلطانا لقوتها ونفوذها . أصل المادة يدل على الشدة والقوة ومنها السليط الشديد واللسان الطويل .
والمعنى : سنملأ قلوب المشركين خوفا وفزعا بسبب إشراكهم مع الله - تعالى - آلهة لم ينزل الله بها حجة والمراد : أنه لا حجة لهم حتى ينزلها .
قال الآلوسى : قوله { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ } أى بإشراكه أو بعبادته ، و " ما " نكره موصوفة أو موصولة اسمية وليست مصدرية و " سلطانا " أى حجة والإتيان بها للإشارة بأن المتبع فى باب التوحيد هو البرهان السماوى دون الآراء والأهواء الباطلة . . وذكر عدم إنزال الحجة مع استحالة تحققها من باب انتفاء المقيد لانتفاء قيده اللازم ، أى : لا حجة حتى ينزلها ، فهو على حد قوله فى وصف مفازة :
لا تفزع الأرنب أهوالها . . . ولا ترى الضب بها ينجحر
إذ المراد : لا ضب بها حتى ينجحر . فالمراد نفيهما جميعا .
فالآية الكريمة قد بشرت المؤمنين بأن الله - تعالى - سيلقى الرعب والفزع فى قلوب أعدائهم حتى لا يتجاسروا عليهم .
ومن مظاهر الرعب التى ألقاها الله - تعالى - فى قلوب المشركين أنهم بعد أن انتصروا على المسلمين فى غزوة أحد . كان فى قدرتهم أن يوغلوا فى مهاجمتهم وقتالهم إلا أن الرعب صدهم عن ذلك .
ولقد حاولوا وهم فى طريقهم إلى مكة أن يعودوا للقضاء على المسلمين إلا أن الخوف داخل قلوبهم وجعل أحد زعمائهم وهو صفوان بن أمية يقول لهم : " يا أهل مكة لا ترجعوا لقتال القوم ، فإنى أرى أنه سيكون للقوم قتال غير الذى كان " .
قال الفخر الرازى ما ملخصه قوله { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب } اختلفوا فى أن هذا الوعد هل هو مختص بيوم أحد ، أو هو عام فى جميع الأوقات ؟
قال كثير من المفسرين : إنه مختص بهذا اليوم ، وذلك لأن جميع الآيات المتقدمة إنما وردت فى هذه الواقعة .
ثم القائلون بهذا القول ذكروا فى كيفية إلقاء الرعب فى قلوب المشركين فى هذا اليوم وجهين :
الأول : أن الكفار لما استولوا على المسلمين وهزموهم أوقع الله الرعب فى قلوبهم ، فتركوهم وفروا منهم من غير سبب .
والثانى : أن الكفار لما ذهبوا إلى مكة فلما كانوا فى بعض الطريق قالوا ما صنعنا شيئاً قتلنا الأكثرين منهم ثم تركناهم ونحن قاهرون . ارجعوا حتى نستأصلهم بالكلية ، فلما عزموا على ذلك ألقى الله الرعب فى قلوبهم .
والقول الثانى : أن هذا الوعد غير مختص بيوم أحد ، بل هو عام ، كأنه قيل : إنه وإن وقعة لكم هذه الواقعة فى يوم أحد ، إلا أن الله - تعالى - سيلقى الرعب منكم بعد ذلك فى قلوب الكافرين حتى يقهر الكفار ، ويظهر دينكم على سائر الأديان .
وقد فعل الله ذلك حتى صار دين الإسلام قاهرا لجميع الأديان والملل . ونظير هذه الآية قوله صلى الله عليه وسلم " نصرت بالرعب مسيرة شهر " .
ثم ختم - سبحانه - الآية ببيان سوء عاقبة هؤلاء الكافرين فقال : { وَمَأْوَاهُمُ النار وَبِئْسَ مثوى الظالمين } .
والمأوى : اسم مكان من أوى يأوى . وهو المكان الذى يرجع إليه الشخص ويعود إليه .
والمثوى : اسم مكان - أيضا - يقال : ثوى بالمكان وفيه يثوى ثواء وثويا وأثوى به ، أى أطال الإقامة والنزول فيه .
والمعنى : أن هؤلاء الكافرين سيلقى الله - تعالى - الرعب والفزع فى قلوبهم حتى لا يتجاسروا على المؤمنين ، هذا فى الدنيا ، أما فى الآخرة ، فالمكان الذى يأوون إليه ويستقرون فيه هو النار ، لا مأوى لهم غيرها ، وبئس هذه النار موضع إقامة دائمة لهم .
وقد أظهر - سبحانه - الاسم فى موضع الإضمار فلم يقل : وبئس النار مثواهم ، بل قال : { وَبِئْسَ مثوى الظالمين } : للإشارة إلى أن هذا المآل الأليم إنما هو جزاء عادل لهم بسبب ظلمهم إذ هم الذين ظلموا أنفسهم فأضلوها وصدوها عن الحق فكانت نهايتهم تلك النهاية المهينة ، " وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون " .
وفى جعل هذه النار مثواهم بعد جعلها مأواهم إشارة إلى خلودهم فيها ، فإن المثوى مكان الإقامة المنبئة عن المكث ، وأما المأوى فهو المكان الذى يأوى إليه الإنسان .
وقدم المأوى على المثوى لأن هذا هو الترتيب الوجودى فى الخارج ، لأن الإنسان يأوى إلى المكان ثم يثوى فيه .
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد نهت المؤمنين عن إطاعة الكافرين وبينت لهم النتائج الوخيمة التى تترتب على إطاعتهم ثم دعتهم إلى الاعتصام بدين الله وبشرتهم بسوء عاقبة أعدائهم فى الدنيا والآخرة .
{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُواْ الرّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىَ الظّالِمِينَ }
يعني بذلك جلّ ثناؤه : سيلقى الله أيها المؤمنون في قلوب الذين كفروا بربهم ، وجحدوا نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ممن حاربكم بأُحد الرعب ، وهو الجزع والهلع بما أشركوا بالله ، يعني بشركهم بالله وعبادتهم الأصنام ، وطاعتهم الشيطان التي لم أجعل لهم بها حجة ، وهي السلطان التي أخبر عزّ وجلّ أنه لم ينزله بكفرهم وشركهم ، وهذا وعد من الله جلّ ثناؤه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر على أعدائهم ، والفلج عليهم ما استقاموا على عهده ، وتمسكوا بطاعته ، ثم أخبرهم ما هو فاعل بأعدائهم بعد مصيرهم إليه ، فقال جلّ ثناؤه : { وَمأْوَاهُمُ النّارُ } يعني : ومرجعهم الذي يرجعون إليه يوم القيامة النار { وَبِئْسَ مَثْوَى الظّالِمِينَ } يقول : وبئس مقام الظالمين الذين ظلموا أنفسهم باكتسابهم ما أوجب لها عقاب الله النار . كما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { سَنُلْقِي في قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا الرّعْبَ بِمَا أشْرَكُوا باللّهِ ما لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطانا وَمأْوَاهُمُ النّارُ وَبِئْسَ مَثُوَى الظّالِمِينَ } إني سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب الذي به كنت أنصركم عليهم ، بما أشركوا بي ما لم أجعل لهم به حجة ، أي فلا تظنوا أن لهم عاقبة نصر ، ولا ظهور عليكم ما اعتصمتم واتبعتم أمري ، للمصيبة التي أصابتكم منهم بذنوب قدمتموها لأنفسكم ، خالفتم بها أمري ، وعصيتم فيها نبيّ الله صلى الله عليه وسلم .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أُحد متوجهين نحو مكة ، انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق ، ثم إنهم ندموا فقالوا : بئس ما صنعتم ، إنكم قتلتموهم ، حتى إذا لم يبق إلا الشرّير تركتموهم ، ارجعوا فاستأصلوهم ، فقذف الله عزّ وجلّ في قلوبهم الرعب ، فانهزموا ، فلقوا أعرابيا ، فجعلوا له جُعْلاً ، وقالوا له : إن لقيت محمدا فأخبره بما قد جمعنا لهم ! فأخبر الله عزّ وجلّ رسوله صلى الله عليه وسلم ، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد ، فأنزل الله عزّ وجلّ في ذلك ، فذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وما قذف في قلبه من الرعب ، فقال : { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا الرّعْبَ بِمَا أشْرَكُوا باللّهِ } .
رجوع إلى تسلية المؤمنين ، وتطْمينهم ، ووعدهم بالنَّصر على العدوّ . والإلقاءُ حقيقته رمي شيء على الأرض { فألقوا حبالهم وعصيّهم } [ الشعراء : 44 ] ، أو في الماء { فألقِيه في اليمّ } [ القصص : 7 ] ويطلق على الإفضاء بالكلام { يُلقُون السمع } [ الشعراء : 223 ] وعلى حصول الشيء في النفس كأنّ ملقياً ألقاه أي من غير سبق تهيّؤ { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء } [ المائدة : 64 ] وهو هنا مجاز في الجعل والتَّكوين كقوله : { وقذف في قلوبهم الرعب } [ الأحزاب : 26 ] .
والرعب : الفزع من شدّة خوف ، وفيه لغتان الرعْب بسكون العين والرعُب بضم العين وقرأه الجمهور بسكون العين وقرأه ابن عامر ، والكسائي بضم العين .
والبَاء في قوله : { بما أشركوا بالله } للعِوض وتسمّى باء المقابلة مثل قولهم : هذه بتلك ، وقوله تعالى : { جزاء بما كسبا } [ المائدة : 38 ] ، وهذا جزاء دنيوي رتّبهُ الله تعالى على الإشراك به ، ومن حكمته تعالى أن رتّب على الأمور الخبيثة آثاراً خبيثة ، فإنّ الشرك لمّا كان اعتقاد تأثير من لا تأثير له ، وكان ذلك الاعتقاد يرتكز في نفوس معتقديه على غير دليل ، كان من شأن معتقده أن يكون مضطرِب النَّفس متحيّراً في العاقبة في تغلّب بعض الآلهة على بعض ، فيكون لكلّ قوم صَنم هم أخصّ به ، وهم في تلك الحالة يعتقدون أنّ لغيره من الأصنام مثل ما له من القدرة والغيرة . فلا تزال آلهتهم في مغالبة ومنافرة . كمَا لا يزال أتباعهم كذلك ، والَّذين حالهم كما وصفنا لا يستقرّ لهم قرار في الثِّقة بالنَّصر في حروبهم ، إذ هم لا يدرون هل الربح مع آلهتهم أم مع أضدادها ، وعليه فقوله : { ما لم ينزل به سلطاناً } صلة أجريت على المشرك به ليس القصد بها تعريف الشركاء ، ولكن قصد بها الإيماء إلى أنَّه من أسبابِ إلقاء الرعب في قلوبهم ، إذ هم على غير يَقين فيما أشركوا واعتقدوا ، فقلوبهم وَجِلة متزلزلة ، إذ قد علم كلّ أحد أن الشركاء يَستحيل أن ينزل بهم سلطان . فإن قلتَ : ما ذكرتَه يقتضي أنّ الشرك سبب في إلقاء الرعب في قلوب أهله ، فيتعيّن أن يكون الرعب نازلاً في قلوبهم من قبل هذه الوقعة ، والله يقول { سنلقي } » أي في المستقبل ، قلت : هو كذلك إلاّ أنّ هذه الصّفات تستكنّ في النفوس حتَّى يدعو داعي ظهورها ، فالرعب والشجاعة صفتان لا تظهران إلا عند القتال ، وتقويان وتضعفان ، فالشجاع تزيد شجاعته بتكرّر الانتصار ، وقد ينزوي قليلاً إذا انهزم ثُمّ تعود له صفته سرعَى . كما وصفه عمرو بن الإطْنابَةِ في قوله :
وقَوْلي كُلَّمَا جَشَأتْ وجَاشَتْ *** مَكَانَكِ تُحْمَدِي أوْ تَسْتَرِيحِي
وقول الحُصَيْننِ بن الحُمَام :
تَأخَّرْتُ أسْتَبْقِي الحياة فلم أجدْ *** لِنَفْسِي حَيَاة مثلَ أنْ أتَقدّمَا
وكذلك الرعب والجبن قد يضعف عند حصول بارقة انتصار ، فالمشركون لما انهزموا بادِىء الأمر يومَ أُحُد ، فُلَّت عزيمتهم ، ثُمّ لمّا ابتلَى الله المؤمنين بالهزيمة راجعَهم شيء من الشجاعة والازدهاء ، ولكنّهم بعد انصرافِهم عَاوَدَتْهم صفاتهم ، ( وتأبَى الطِبَاعُ عَلى الناقل ) .
فقوله : { سنُلقي } أي إلقاءَ إعادةِ الصفة إلى النُّفوس ، ولك أن تجعل السين فيه لمجرّد التَّأكيد أي ألقينا ونُلقي ، ويندفع الإشكال .
وكثير من المفسِّرين ذكروا أنّ هذا الرعب كانت له مظاهر : منها أنّ المشركين لمَّا انتصروا على المسلمين كان في مكنتهم أن يوغلوا في استيصالهم إلاّ أنّ الرعب صدّهم عن ذلك ، لأنَّهم خافوا أن تعود عليهم الهزيمة ، وتدور عليهم الدائرة ، ومنها أنَّهم لمَّا انصرفوا قاصدين الرجوع إلى مكَّة عنّ لهم في الطريق ندم ، وقالوا : لو رجعنا فاقتفينا آثار محمد وأصحابه ، فإنّا قتلناهم ولم يبق إلاّ الفَلّ والطَّريد ، فلْنرجع إليهم حتَّى نستأصلهم ، وبلغ ذلك النَّبيء صلى الله عليه وسلم فندب المسلمين إلى لقائهم ، فانتدبوا ، وكانوا في غاية الضعف ومثقّلين بالجراحة ، حتَّى قيل : إنّ الواحد منهم كان يحمل الآخر ثمّ ينزل المحمول فيحمل الَّذي كان حامله ، فقيّض الله مَعْبَد بنَ أبي مَعْبَد الخُزَاعي وهو كافر فجاء إلى رسول الله فقال : « إنّ خزاعة قد ساءها ما أصابك ولوَدِدْنا أنَّك لم تُرزأ في أصحابك » ثُمّ لحق معبد بقريش فأدركهم بالرّوْحَاء قد أجمعوا الرجعة إلى قتال المسلمين فقال له أبو سفيان : ما وراءَك يا معبد ، قال : محمد وأصحابه قد خرجوا يطلبونكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرّقون عليكم ، قد اجتمع معه من كان تخلّف عنه ، فقال : ويلك ، ما تقول ؟ قال : ما أرى أنَّك ترتحلُ حتَّى ترى نواصي الخيل ولقد حملني ما رأيت منه على أن قلتُ فيه :
كَادَت تُهَدّ من الأصوات راحلتي *** إذْ سالت الأرض بالجُرْد الأبابيلِ
تَرْدِي بأسْدٍ كراممٍ لا تَنابِلَـــةٍ *** عند اللِّقاء ولا مِيـــلٍ مَعَازِيلِ
فَظَلْتُ أعْدُو وأظُنّ الأرض مائلة *** لمّا سَمَوا برَئيس غير مخــذولِ
فوقع الرّعب في قلوب المشركين وقال صفوان بن أميَّة : لا ترجعوا فإنِّي أرى أنَّه سيكون للقوم قتال غير الَّذي كان .
وقوله : { ما لم ينزل به سلطانا } أي ما لاسلطان له . والسلطان : الحجّة والبرهان لأنَّه يتسلّط على النّفس ، ونُفي تنزيله وأريد نَفْيُ وجوده ، لأنّه لو كان لنَزْل أي لأوْحى الله به إلى النَّاس ، لأنّ الله لم يكتم النَّاسَ الإرشادَ إلى ما يجب عليهم من اعتقاد على ألْسنةِ الرسل ، فالتنزيل إمَّا بمعنى الوحي ، وإمَّا بمعنى نصب الأدلَّة عليهم كقولهم : « نزلت الحكمة على ألْسنة العرب وعقول الفرس وأيدي الصّين » ولمَّا كان الحقّ لا يعدو هذين الحالين : لأنَّه إمَّا أن يعلم بالوحي ، أو بالأمارات ، كان نفي تنزيل السلطان على الإشراك كناية عن نفي السلطان نفسه ، كقول الشاعر الّذي لا يعرف اسمه :
لا تُفْزع الأرْنَبَ أهوالُهَا *** ولا تَرَى الضبّ بها يَنْجَحِرْ
وقوله : { ومأواهم النار } ذِكر عقابهم في الآخرة . والمأوى مَفعل من أوى إلى كذا إذا ذهب إليه ، والمَثْوَى مَفعل من ثَوَى إذا أقام ؛ فالنَّار مصيرهم ومقرّهم والمرادُ المشركون .