فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{سَنُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ بِمَآ أَشۡرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗاۖ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (151)

{ سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا } روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغائم وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ) .

[ والإلقاء يستعمل حقيقة في الأجسام قال الله تعالى { . . وألقى الألواح . . }{[1175]} { فألقوا حبالهم وعصيتم . . }{[1176]} { فألقى موسى عصاه . . }{[1177]} قال الشاعر :

فألقت عصاها واستقر بها النوى

ثم قد يستعمل مجازا كما في الآية ، وقوله{ . . وألقيت عليك محبة مني }{[1178]} . . { بما أشركوا بالله } تعليل ، أي كان سبب إلقاء الرعب في قلوبهم إشراكهم ؛ فما ف{ ما } للمصدر ويقال أشرك به أي عدل غيره ليجعله شريكا . . { ما لم ينزل به سلطانا } حجة وبيانا ، وعذرا وبرهانا ، ومن هذا قيل للوالي : سلطان ، لأنه حجة الله عز وجل في الأرض . ويقال إنه مأخوذ من السليط وهو ما يضاء به السراج وهو دهن السمسم . . فالسلطان يستضاء به في إظهار الحق وقمع الباطل . . ومعنى هذا أنه لم تثبت عبادة الأوثان في شيء من الملل ولم يدل عقل على جواز ذلك{[1179]} .

{ ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين } عجل الله لهم الخزي والفزع في الحياة الدنيا ثم يردون في الآخرة إلى مأوى بئيس تعيس ونار يثوون ويقيمون ويخلدون في حرها وعذابها { . . ذلك جزيناهم ببغيهم . . }{[1180]} .


[1175]:سورة الأعراف من الآية 150.
[1176]:سورة الشعراء من الآية 44.
[1177]:سورة الشعراء الآية 45.
[1178]:سورة طه من الآية 39.
[1179]:ما بين العلامتين [] من الجامع لأحكام القرآن.
[1180]:من سورة الأنعام من الآية 146.