نظيره " وقذف في قلوبهم الرعب " {[3567]} . وقرأ ابن عامر والكسائي " الرعب " بضم العين ، وهما لغتان . والرعب : الخوف ؛ يقال : رَعَبْته رُعْبا ورُعُبا ، فهو مرعوب . ويجوز أن يكون الرعْب مصدرا ، والرُّعُب الاسم . وأصله من الملء ، يقال سيل راعب يملأ الوادي . ورعبت الحوض ملأته . والمعنى : سنملأ قلوب المشركين{[3568]} خوفا وفزعا . وقرأ السختياني " سَيُلْقي " بالياء ، والباقون بنون العظمة . قال السدي وغيره : لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين إلى مكة انطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق ندموا وقالوا : بئس ما صنعنا ! قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد{[3569]} تركناهم ، ارجعوا فاستأصلوهم ، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به . والإلقاء يستعمل حقيقة في الأجسام ، قال الله تعالى : " وألقى الألواح " {[3570]} [ الأعراف : 150 ] " فألقوا حبالهم وعصيهم " [ الشعراء : 44 ] " فألقى عصاه " [ الأعراف : 107 ] . قال الشاعر :
فألقت عصاها واستقرَّ بها النَّوَى
ثم قد يستعمل مجازا كما في هذه الآية ، وقوله : " وألقيت عليك محبة مني " {[3571]} [ طه : 39 ] . وألقى عليك مسألة .
قوله تعالى : " بما أشركوا بالله " تعليل ، أي كان سبب إلقاء الرعب في قلوبهم إشراكهم ؛ فما للمصدر . وبقال أشرك به أي عدل به غيره ليجعله شريكا . " ما لم ينزل به سلطانا " حجة وبيانا ، وعذرا وبرهانا ، ومن هذا قيل للوالي سلطان ؛ لأنه حجة الله عز وجل في الأرض . ويقال : إنه مأخوذ من السليط وهو ما يضاء به السراج ، وهو دهن السمسم ، قال امرؤ القيس :
أمال{[3572]} السَّليطَ بالذُّبالِ المُفَتَّلِ
فالسلطان يستضاء به في إظهار الحق وقمع الباطل . وقيل السليط الحديد . والسلاطة الحدة . والسلاطة من التسليط وهو القهر ، والسلطان من ذلك ، فالنون زائدة . فأصل السلطان القوة ، فإنه يقهر بها كما يقهر بالسلطان . والسليطة المرأة الصخابة . والسليط الرجل الفصيح اللسان . ومعنى هذا أنه لم تثبت عبادة الأوثان في شيء من الِملل . ولم يدل عقل على جواز ذلك . ثم أخبر الله تعالى عن مصيرهم ومرجعهم فقال : " ومأواهم النار " ثم ذمه فقال : " وبئس مثوى الظالمين " والمثوى : المكان الذي يقام فيه ؛ يقال : ثَوَى يَثْوي ثَواء . والمأوى : كل مكان يرجع إليه شيء ليلا أو نهارا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.