فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{سَنُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ بِمَآ أَشۡرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗاۖ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (151)

قوله : { سَنُلْقِى } قرأ السَّخْتِيَانّي بالياء التحتية ، وقرأ الباقون بالنون . وقرأ ابن عامر ، والكسائي : " الرعب " بضم العين . وقرأ الباقون بالسكون ، وهما لغتان ، يقال : رَعَبْتُه رُعباً ، ورُعُباً ، فهو مرعُوب ، ويجوز أن يكون مصدراً ، والرعب بالضم : الاسم ، وأصله المَلء ، يقال : سْيل راعب ، أي : يملأ الوادي ، ورعبت الحوض : ملأته ، فالمعنى : سنملأ قلوب الكافرين رعباً ، أي : خوفاً ، وفزعاً ، والإلقاء يستعمل حقيقة في الأجسام ، ومجازاً في غيرها ، كهذه الآية ، وذلك أن المشركين بعد وقعة أحد ندموا أن لا يكونوا استأصلوا المسلمين ، وقالوا : بئسما صنعنا قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم ؛ ارجعوا ، فاستأصلوهم ، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا ، عما هموا به : { بِمَا أَشْرَكُوا بالله } متعلق بقوله : { سَنُلْقِى } و " ما " مصدرية ، أي : بسبب إشراكهم { مَا لَمْ يُنَزلْ بِهِ سلطانا } أي : ما لم ينزل الله بجعله شريكاً له حجة ، وبياناً ، وبرهاناً ، والنفي يتوجه إلى القيد ، والمقيد ، أي : لا حجة ، ولا إنزال ، والمعنى : أن الإشراك بالله لم يثبت في شيء من الملل . والمثوى : المكان الذي يقام فيه ، يقال ثوى يثوي ثواءً .

/خ153