لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{سَنُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ بِمَآ أَشۡرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗاۖ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (151)

قوله عز وجل : { سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب } وذلك أنا أبا سفيان ومن معه ارتحلوا يوم أحد متوجهين إلى مكة ، فلما بلغوا بعض الطريق ندموا وقالوا بئس ما صنعنا قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم ارجعوا إليهم فاستأصلوهم فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب ، يعني الخوف الشديد حتى رجعوا عما هموا به فعلى هذا القول يكون الوعد بإلقاء الرعب في قلوب الكفار مخصوصاً بيوم أحد وقيل إنه عام وإن كان السبب خاصاً لقوله صلى الله عليه وسلم : " نصرت بالرعب مسيرة شهر " فكأنه قال سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب منكم حتى تقهروهم ويظهر دينكم على سائر الأديان وقد فعل الله ذلك بفضله وكرمه حتى صار دين الإسلام ظاهراً على جميع الأديان والملل كما قال الله تعالى ليظهره على الدين كله { بما أشركوا بالله } يعني إنما كان إلقاء الرعب في قلوبهم بسبب إشراكهم بالله { ما لم ينزل به سلطاناً } يعني حجة وبرهاناً وسميت الحجة سلطاناً لأن السلطان مشتق من السليط وهو ما يستصبح به وقيل السلطان القوة والقدرة وسميت الحجة سلطاناً لقوتها على دفع الباطل { ومأواهم النار } لما بين الله تعالى حال الكفار في الدنيا وهو إلقاء الرعب والخوف في قلوبهم بين حالهم في الآخرة فقال تعالى : { ومأواهم النار } أي مسكنهم { وبئس مثوى الظالمين } أي المسكن الذي يستقرون به ويقيمون فيه وكلمة بئس تستعمل في جميع المذام والمعنى وبئس مقام الظالمين الذين ظلموا أنفسهم باكتساب ما أوجب لهم عذاب النار والإقامة فيها .