تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (142)

{ سيقول السفهاء من الناس } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا بمكة يصلون ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ، فلما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ليلا ، أمر بالصلوات الخمس فصارت الركعتان للمسافر ، وللمقيم أربع ركعات ، فلما هاجر إلى المدينة لليلتين خلتا من ربيع الأول ، أمر أن يصلي نحو بيت المقدس ؛ لئلا يكذب به أهل الكتاب إذا صلى إلى غير قبلتهم مع ما يجدون من نعته في التوراة ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل بيت المقدس من أول مقدمة المدينة سبعة عشر شهرا ، وصلت الأنصار قبل بيت المقدس سنتين قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت الكعبة أحب القبلتين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لجبريل عليه السلام : "وددت أن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها" فقال جبريل ، عليه السلام : إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا ، فاسأل ربك ذلك ، وصعد جبريل إلى السماء ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل ، عليه السلام ، بما سأل .

فأنزل الله عز وجل في رجب عند صلاة الأولى قبل قتال بدر بشهرين : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } ، ولما صرفت القبلة إلى الكعبة ، قال مشركو مكة : قد تردد على أمره واشتاق إلى مولد آبائه ، وقد توجه إليكم وهو راجع إلى دينكم ، فكان قولهم هذا سفها منهم ، فأنزل الله عز وجل : { سيقول السفهاء من الناس } يعني مشركي مكة ، { ما ولاهم } ، يقول : ما صرفهم { عن قبلتهم } الأولى { التي كانوا عليها قل } يا محمد { لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } يعني دين الإسلام ، يهدي الله نبيه والمؤمنين لدينه .