تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَـُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ} (255)

{ الله لا إله إلا هو الحي } الذي لا يموت ، { القيوم } القائم على كل نفس ، { لا تأخذه سنة } ، يعني ريح من قبل الرأس ، فيغشى العينين ، وهو وسنان بين النائم واليقظان ، ثم قال جل ثناؤه : { لا تأخذه سنة } { ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض } من الخلق عبيده ، وفي ملكه الملائكة ، وعزير ، وعيسى ابن مريم ، وغيره ممن يعبد ، { من ذا الذي يشفع عنده } من الملائكة { إلا بإذنه } ، يقول : إلا بأمره ، وذلك قوله سبحانه : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } ( الأنبياء : 28 ) ، { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } ، يقول : ما كان قبل خلق الملائكة ، وما كان بعد خلقهم ، ثم قال : { ولا يحيطون } ، يعني الملائكة ، { بشيء من علمه إلا بما شاء } الرب فيعلمهم ، ثم أخبر عن عظمة الرب جل جلاله ، فقال سبحانه : { وسع كرسيه السماوات والأرض } كلها كل قائمة ، { ولا يؤوده حفظهما } ، يقول : ولا يثقل عليه ، ولا يجهده حملها .

{ وهو العلي العظيم } الرفيع فوق كل خلقه العظيم ، فلا أعظم منه شيء ، يحمل الكرسيَّ أربعةُ أملاك لكل مَلَك أربعةُ وجوه ، أقدامهم تحت الصخرة التي تحت الأرض السفلى ، مسيرة خمس مائة عام ، وما بين كل أرض مسيرة مائة عام ، ملك وجهه على صورة الإنسان ، وهو سيد الصور ، وهو يسأل الرزق للآدميين ، وملك وجهه على صورة سيد الأنعام يسأل الرزق للبهائم وهو الثور ، لم يزل الملك الذي على صورة الثور على وجهه كالغضاضة منذ عبد العجل من دون الرحمن عز وجل ، وملك وجهه على صورة سيد الطير ، وهو يسأل الله عز وجل الرزق للطير وهو النسر ، وملك على صورة سيد السباع ، وهو يسأل الرزق للسباع وهو الأسد .