تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّـٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (7)

ثم قال سبحانه : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات } ، يعمل بهن ، وهن الآيات التي في الأنعام قوله سبحانه : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } إلى ثلاث آيات آخرهن : { لعلكم تتقون } ( الأنعام : 151- 153 ) ، يقول : { هن أم الكتاب } ، يعني أصل الكتاب ، لأنهن في اللوح المحفوظ مكتوبات ، وهن محرمات على الأمم كلها في كتابهم ، وإنما تسمين أم الكتاب ، لأنهن مكتوبات في جميع الكتب التي أنزلها الله تبارك وتعالى على جميع الأنبياء ، وليس من أهل دين إلا وهو يوصي بهن .

ثم قال عز وجل : { وأخر متشابهات } ، { الم } { المص } { المر } { الر } ، شبه على اليهود كم تملك هذه الأمة من السنين ، والمتشابهات هؤلاء الكلمات الأربع ، { فأما الذين في قلوبهم زيغ } ، يعني ميل عن الهدى ، وهو الشك ، فهم اليهود ، { فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة } ، يعني إبتغاء الكفر ، { وابتغاء تأويله } ، يعني منتهى ما يكون وكم يكون ، يريد بذلك الملك ، يقول الله عز وجل : { وما يعلم تأويله إلا الله } ، كم يملكون من السنين ، يعني أمة محمد ، يملكون إلى يوم القيامة ، إلا أياما يبتليهم الله عز وجل بالدجال .

ثم استأنف ، فقال : { والراسخون في العلم } ، يعني المتدارسون علم التوراة ، فهم عبد الله بن سلام وأصحابه من مؤمني أهل التوراة ، { يقولون آمنا به كل من عند ربنا } ، يعني قليله وكثيره من عند ربنا ، { وما يذكر إلا أولوا الألباب } فما يسمع إلا أولو الألباب ، يعني من كان له لب وعقل ، يعني ابن سلام وأصحابه ، فيعلمون أن كل شيء من هذا وغيره من عند الله .