{ هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب } القرآن { مِنْهُ } من الكتاب { آيات محكمات } أحكمت عبارتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه { هُنَّ أُمُّ الكتاب } أصل الكتاب تحمل المتشابهات عليها وترد إليها { وَأُخرُ } وآيات أخر { متشابهات } مشتبهات محتملات . مثال ذلك { الرحمن عَلَى العرش استوى } [ طه : 5 ] فالاستواء يكون بمعنى الجلوس وبمعنى القدرة والاستيلاء ، ولا يجوز الأول على الله تعالى بدليل المحكم وهو قوله { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء } [ الشورى : 11 ] أو المحكم ما أمر الله به في كل كتاب أنزله نحو قوله : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } [ الأنعام : 151 ] الآيات ، { وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إياه } [ الإسراء : 23 ] . الآيات . والمتشابه ما وراءه أو ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً ، وما احتمل أوجهاً ، أو ما يعلم تأويله وما لا يعلم تأويله ، أو الناسخ الذي يعمل به والمنسوخ الذي لا يعمل به . وإنما لم يكن كل القرآن محكماً لما في المتشابه من الابتلاء به والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه ، ولما في تقادح العلماء وإتعابهم والقرائح في استخراج معانيه ورده إلى المحكم من الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند الله تعالى . { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ } ميل عن الحق وهم أهل البدع { فَيَتَّبِعُونَ مَا تشابه } فيتعلقون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب إليه المبتدع مما لا يطابق المحكم ويحتمل ما يطابقه من قول أهل الحق { مِنْهُ ابتغاء الفتنة } طلب أن يفتتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم { وابتغاء تَأْوِيلِهِ } وطلب أن يؤولوه التأويل الذي يشتهونه { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله } أي لا يهتدي إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا الله { والراسخون فِي العلم } والذين رسخوا أي ثبتوا فيه وتمكنوا وعضوا فيه بضرس قاطع مستأنف عند الجمهور ، والوقف عندهم على قوله «إلا الله » وفسروا المتشابه بما استأثر الله بعلمه ، وهو مبتدأ عندهم والخبر يقولون «آمنّا به » وهو ثناء منه تعالى عليهم بالإيمان على التسليم واعتقاد الحقية بلا تكييف ، وفائدة إنزال المتشابه الإيمان به ، واعتقاد حقية ما أراد الله به ، ومعرفة قصور أفهام البشر عن الوقوف على ما لم يجعل لهم إليه سبيلاً ، ويعضده قراءة أبي «ويقول الراسخون » وعبد الله «إن تأويله إلا عند الله » . ومنهم من لا يقف عليه ويقول بأن الراسخين في العلم يعلمون المتشابه و«يقولون » كلام مستأنف موضح لحال الراسخين بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل يقولون آمنا به أي بالمتشابه أو بالكتاب { كُلٌّ } من متشابهه ومحكمه { مِّنْ عِندِ رَبّنَا } من عند الله الحكيم الذي لا يتناقض كلامه { وَمَا يَذَّكَّرُ } وما يتعظ وأصله يتذكر { إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب } أصحاب العقول ، وهو مدح للراسخين بإلقاء الذهن وحسن التأمل . وقيل : «يقولون » حال من الراسخين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.