التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّـٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (7)

قوله تعالى{ هو الذي انزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات }إلى قوله{ أولوا الألباب }

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : المحكمات : ناسخه ، وحلاله ، وحرامه ، وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به{ وأخر متشابهات } والمتشابهات : منسوخه ، ومقدمه ومؤخره ، وأمثاله وأقسامه ، وما يؤمن به ولا يعمل به .

قال ومسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " { هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله . والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ، وما يذكر إلا أولوا الألباب } " . قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئك الذين سمى الله ، فاحذروهم " .

( صحيح مسلم4/2053 ح 2665-ك العلم ، ب النهي عن إتباع متشابه القرآن )واللفظ له ، ( وصحيح البخاري8/209 ح4547-ك التفسير- سورة آل عمران ) .

قال البخاري : حدثنا أبو معمر قال : حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا خالد عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " اللهم علمه الكتاب " .

( الصحيح 1/169 ح75 ) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة{ المحكمات } : الناسخ الذي يعمل به ، ما احل الله فيه حلاله وحرم فيه حرامه وأما{ المتشابهات } : فالمنسوخ الذي لا يعمل به ويؤمن به .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله{ منه آيات محكمات }ما فيه من الحلال والحرام ، وما سوى ذلك فهو{ متشابه } ، يصدق بعضه بعضا وهو مثل قوله{ وما يضل به إلا الفاسقين }سورة البقرة26 ، ومثل قوله{ كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون }سورة النعام125 ، ومثل قوله تعالى{ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم }سورة محمد 17 .

قوله تعالى{ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء تأويله }

قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبي عن جده ، قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتدارؤون فقال : " إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا ، فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم فكلوه إلى عالمه " .

( المصنف11/216-217 ح20367 ) ، وأخرجه احمد( المسند ح6741 )عن عبد الرزاق به ، وصححه محققه . وقال الألباني : صحيح( صحيح الجامع ح 2370 ) .

يتدارؤون : درأ يدرأ درءا إذا وقع . ( النهاية لابن الأثير2/109 ) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس{ فأما الذين في قلوبهم زيغ }قال : من أهل الشك .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : فيحملون المحكم على المتشابه ، والمتشابه على المحكم ، ويلبسون فلبس الله عليهم .

قال عبد بن حميد : ثنا يونس عن شيبان عن قتادة : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله }قال : طلب القوم التأويل فأخطأوا التأويل وأصابوا الفتنة واتبعوا ما تشابه منه فهلكوا بين ذلك .

ويونس هو الأيلي وشيبان وقتادة تقدم ذكرهما في المقدمة وكلهم ثقات وإسناده صحيح .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي في قوله{ فيتبعون ما تشابه منه } ، يتبعون المنسوخ والناسخ فيقولون : ما بال هذه الآية عمل بها كذا وكذا مكان هذه الآية ، فتركت الأولى وعمل بهذه الأخرى ؟ هلا كان العمل بهذه الآية قبل ان تجئ الأولى التي نسخت ؟ وما باله يعد العذاب من عمل عملا يعذبه في النار ، وفي مكان آخر : من عمله فإنه لم يوجب النار ؟ .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي : { ابتغاء الفتنة }قال : إرادة الشرك . أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : { ابتغاء الفتنة }قال : الشبهات بها اهلكوا .

قوله تعالى{ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولن آمنا به كل من عند ربنا }

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : يعني تأويله يوم القيامة إلا الله .

قال الطبري حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ، حدثنا خالد بن نزار عن نافع ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قوله{ والراسخون في العلم يقولون آمنا به }قالت : كان من رسوخهم في العلم ان آمنوا بمحكمه ومتشابهه ، ولم يعلموا تأويله .

وسنده حسن .

قال الطبري حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني ابن أبي الزناد قال ، قال هشام بن عروة : كان أبي يقول في هذه الآية{ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم }ان الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله ، ولكنهم يقولون{ آمنا به كل من عند ربنا } .

وسنده حسن .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال : أنا ممن يعلم تأويله .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم }قالوا : { كل من عند ربنا }آمنوا بمتشابهه ، وعملوا بمحكمه .