تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المدثر

مكية ، عددها ست وخمسون آية كوفي

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يا أيها المدثر } آية يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن كفار مكة آذوه ، فانطلق إلى جبل حراء ليتوارى عنهم ، فبينما هو يمشي ، إذ سمع مناديا يقول : يا محمد ، فنظر يمينا وشمالا وإلى السماء ، فلم ير شيئا ، فمضى على وجهه ، فنودي الثانية : يا محمد ، فنظر يمينا وشمالا ، ومن خلفه ، فلم ير شيئا إلا السماء ، ففزع ، وقال : لعل هذا شيطان يدعوني ، فمضى على وجهه ، فنودي في قفاه : يا محمد ، يا محمد ، فنظر خلفه ، وعن يمينه ، ثم نظر إلى السماء ، فرأى مثل السرير بين السماء والأرض ، وعليه دربوكة قد غلطت الأفق ، وعليه جبريل ، عليه السلام ، مثل النور المتوقد يتلألأ حتى كاد أن يغشى البصر ، ففزع فزعا شديدا ، ثم وقع مغشيا عليه ولبث ساعة .

ثم أفاق يمشي ربه رعدة شديدة ، ورجلاه تصطلكان راجعا حتى دخل على خديجة ، فدعا بماء فصبه عليه ، فقال : دثروني ، فدثروه بقطيفة حتى استدفأ ، فلما أفاق ، قال : لقد أشفقت على نفسي ، قالت له خديجة : أبشر فوالله لا يسوؤك الله أبدا لأنك تصدق الحديث ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقرى الضيف ، وتعين على نوائب الخير .

فأتاه جبريل ، عليه السلام ، وهو متقنع بالقطيفة ، فقال :{ يا أيها المدثر } بقطيفة ، المتقنع فيها