فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المدثر

هي ست وخمسون آية ، وهي مكية بلا خلاف وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة المدثر بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله ، وسيأتي أن أول هذه السورة أول ما نزل من القرآن .

قال الواحدي : قال المفسرون : لما بدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي أتاه جبريل ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرير بين السماء والأرض كالنور المتلألئ ، ففزع ووقع مغشياً عليه ، فلما أفاق دخل على خديجة ودعا بماء فصبه عليه ، وقال : «دثروني دثروني » ، فدثروه بقطيفة ، فقال : { يأَيُّهَا المدثر * قُمْ فَأَنذِرْ } ومعنى { يأَيُّهَا المدثر } : يا أيها الذي قد تدثر بثيابه : أي تغشى بها ، وأصله المتدثر ، فأدغمت التاء في الدال لتجانسهما . وقد قرأ الجمهور بالإدغام ، وقرأ أبي : «المتدثر » على الأصل ، والدثار : هو ما يلبس فوق الشعار ، والشعار : هو الذي يلي الجسد ، وقال عكرمة : المعنى : يا أيها المدثر بالنبوّة وأثقالها . قال ابن العربي : وهذا مجاز بعيد لأنه لم يكن نبياً إذ ذاك .

/خ30