{ شَهْرُ رَمَضَانَ } مبتدأٌ سيأتي خبرُه أو خبرٌ لمبتدإٍ محذوف ، أي ذلك شهرُ رمضانَ ، أو بدلٌ من الصيام على حذف المضافِ ، أي صيامُ شهرِ رمضانَ . وقرئ بالنصب على إضمار صُوموا أو على أنه مفعولُ تصوموا أو بدلٌ من ( أياماً معدودات ) . ورمضانُ مصدرُ رمِضَ أي احترق من الرمضاء فأضيفَ إليه الشهرُ وجُعل علماً ومُنع الصرفَ للتعريف والألفِ والنون ، كما قيل : ابنُ دأْيةَ للغراب فقولُه عليه السلام : « من صام رمضانَ » الحديثُ واردٌ على حذف المضافِ للأمن من الالتباس ، وإنما سُمِّي بذلك إما لارتماضِهم فيه من الجوع والعطشِ وإما لارتماض الذنوب بالصيام فيه ، ، أو لوقوعه في أيام رَمَضِ الحرِّ عند نَقْل أسماء الشهور عن اللغة القديمة { الذي أُنزِلَ فِيهِ القرآن } خبرٌ للمبتدأ على الوجه الأول وصفةٌ لشهر رمضانَ على الوجوه الباقية ، ومعنى إنزالِه فيه أنه ابتُدئ إنزالُه فيه ، وكان ذلك ليلةَ القدرِ ، أو أنزل فيه جملةَ إلى السماء الدنيا ثم نزل مُنَجَّماً إلى الأرض حسبما تقتضيه المشيئةُ الربانية ، أو أُنزل في شأنه القرآنُ وهو قولُه عز وجل : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ } [ البقرة ، الآيات : 178 ، 180 ، 183 ، 216 ، 246 ] وعن النبي صلى الله عليه وسلم : « نزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من رمضانَ وأُنزلت التوراةُ لستٍ مضَيْن منه ، والإنجيلُ لثلاثَ عشرةَ منه ، والقرآنُ لأربع وعشرين » { هُدًى للنَّاسِ وبينات منَ الهدى والفرقان } حالان من القرآن أي أُنزل حال كونه هدايةً للناس بما فيه من الإعجاز وغيرِه ، وآياتٍ واضحةٍ مرشدةً إلى الحق فارقةً بينه وبين الباطل بما فيه من الحُكم والأحكام . { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ } أي حضرَ فيه ولم يكن مسافراً ، ووضعُ الظاهر موضعَ الضمير للتعظيم والمبالغة في البيان ، والفاءُ للتفريعِ والترتيب ، أو لتضمُّن المبتدإ معنى الشرط ، أو زائدةٌ على تقدير كونِ ( شهرُ رمضانَ ) مبتدأً والموصولُ صفة له ، وهذه الجملةُ خبرٌ له وقيل : هي جزائية كأنه قيل : لما كُتب عليكم الصيامُ في ذلك الشهر فمنْ حضَرَ فيه { فَلْيَصُمْهُ } أي فليصم فيه بحذف الجار وإيصالِ الفعل إلى المجرور اتساعاً وقيل : من شهد منكم هلالَ الشهرِ فليصمْه على أنه مفعولٌ به كقولك : شهِدتُ الجمعةَ أي صلاتها فيكونُ ما بعده مخصِّصاً ، كأنه قيل : { وَمَن كَانَ مَرِيضًا } وإن كان مقيماً حاضِراً فيه { أَوْ على سَفَرٍ } وإن كان صحيحاً { فَعِدَّةٌ منْ أَيَّامٍ أُخَرَ } أي فعليه صيامُ أيامٍ أخَرَ ، لأن المريضَ والمسافرَ ممن شهد الشهرَ ، ولعل التكريرَ لذلك ، أو لئلا يُتَوَهم نسخُه كما نُسخ قرينُه { يُرِيدُ الله } بهذا الترخيص { بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر } لغاية هي رأفتُه وسعةُ رحمتِه { وَلِتُكْمِلُواْ العدة وَلِتُكَبّرُواْ الله على مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } تعليلٌ لفعلٍ محذوف يدلُّ عليه ما سبق أي ولهذه الأمورِ شُرِعَ ما مرَّ من أمرِ الشاهد بصوْمِ الشهر وأمرِ المرخَّص لهم بمراعاة عدةِ ما أَفطر فيه ، ومن الترخيص في إباحة الفطر ، فقوله تعالى : { لتكملوا } [ البقرة ، الآية : 185 ] علةُ الأمر بمراعاة العِدة . ولتكبروا علةُ ما عَلِمه من كيفية القضاء ، { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ البقرة ، الآية : 185 ] علةُ الترخيص والتيسيرِ ، وتعديةُ فعل التكبير بعلى لتضمُّنه معنى الحمد كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ، ويجوز أن تكون معطوفةً على علة مقدرةٍ مثلُ ليُسهل عليكم أو لتعملوا ما تعملون ولتكملوا الخ . ويجوز عطفُها على ( اليُسرَ ) أي يريد بكم لتكملوا الخ ، كقوله تعالى : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ } [ الصف ، الآية 8 ] الخ والمعنى بالتكبير تعظيمُه تعالى بالحمد والثناءِ عليه ، وقيل : تكبيرُ يومِ العيد وقيل : التكبيرُ عند الإهلال ، و( ما ) تحتمل المصدرية والموصولة أي على هدايته إياكم أو على الذي هداكم إليه وقرئ ولِتُكَمِّلوا بالتشديد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.