وأكد الأصل الآخر بل كلا الأصلين بقوله { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو } يعني أن يعيده { أهون عليه } أي في نظركم وعند معقولكم وإلا فلا صعوبة في الإبداء أصلاً حتى يقع التفضيل على حده . وإنما أخرت الصلة ههنا وقدمت في قوله في سورة مريم و{ وهو على هين } [ مريم : 9 ] لأنه قصد هناك الاختصاص يعني أن خلق الولد بين هرم وعاقر لا يهون إلا علي ، ولا معنى للاختصاص ههنا فإن الأمر مبني على المعقول بين الآدميين من أن المعاد أهون من المبدأ ولهذا قيل : أول الغزو أخرق . وليس الدخيل في أمر كالناشئ عليه . ومن الدليل العقلي على هذا المطلوب أن الإبداء خلق الأجزاء وتأليفها ، والإعادة تأليف فقط ، ولا شك أن أمراً واحداً أهون من الأمرين ولا يلزم منه أن يكون في الأمرين صعوبة فإن من قال : الرجل القوي يقدر على حمل شعيرة من غير صعوبة وسلم السامع له ذلك فإذا قال فلان لا يتعب من حمل خردلة وإن حمل خردلة أهون عليه . كان كلاماً معقولاً وقد أجرى الزجاج قوله { وهو أهون عليه } مجرى المثل فيما يصعب ويسهل . وفسر به قوله { وله المثل الأعلى } يعني هذا مثل مضروب لكم في الأرض وله المثل الأعلى من هذا المثل ومن كل مثل يضرب في السموات فيما بين الملائكة . وعن ابن عباس : أراد أن فعله وإن شبهه بفعلكم ومثله به لكنه ليس كمثله شيء فله المثل الأعلى وقال جار الله : المثل الوصف أي له الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله قد عرف به ووصف في السموات والأرض على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل ، وهو أنه القادر الذي يقدر على الخلق والإعادة ، العليم الذي لا يعزب عن علمه شيء فلا يصعب عليه جمع الأجزاء بعد تفرّقها على الوجه الذي يقتضيه التدبير ولهذا ختم الآية بقوله : { وهو العزيز الحكيم } وعن مجاهد : المثل الأعلى وصفه بالوحدانية وهو قوله " لا إله إلا الله " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.