غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (30)

1

ثم قال لرسوله ولأمته تبعية إذا تبين الحق وظهرت الوحدانية { فأقم وجهك للدين } أي سدده نحوه غير مائل إلى غير من الأديان الباطلة { فطرت الله } أي الزموها أو عليكم بها . قال جار الله : إنما أضمرته على خطاب الجماعة لقوله { منيبين } وهو حال منهم ولأن الأمر والنهي بعده معطوفان عليه لكنك قد عرفت في الوقوف أن هذا التقدير غير لازم وعلى ذلك يحتمل أن يقدر الزم أو عليك أو أخص أو أريد وأشباه ذلك .

وفطرة الله هي التوحيد الذي تشهد به العقول السليمة والنظر الصحيح كما جاء في الحديث النبوي " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه " . ويحتمل أن تكون الفطرة إشارة إلى أخذ الميثاق من الذر . وقوله { لا تبديل لخلق الله } نفي في معنى النهي أي لا تبدلوا خلقه الذي فطلكم عليه لكن الإيمان الفطري غير كافٍ . وقيل : هو تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يؤمن قومه فكأنه قال : إنهم أشقياء ومن كتب شقياً لم يسعد . وقيل : أراد أن الخلق لا خروج لهم عن عبوديته بخلاف مماليك الإنسان فإنهم قد يخرجون من أيديهم بالبيع والعتق . وفيه فساد قول من زعم أن العبادة لتحصيل الكمال فإذا كمل العبد لم يبق عليه تكليف ، وفساد قول الصابئة وبعض أهل الشك أن الناقص لا يصلح لعبادة الله ونما الإنسان عبد الكواكب والكواكب عبيد الله ، وفساد قول النصارى والحيلولة أن الله يحل في بعض الأشخاص كعيسى وغيره فيصير إلهاً .

/خ32