غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23)

1

ثم قرر أسباب ضلال المضلين قائلاً { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه } أي يتبع ما تدعو إليه نفسه الأمارة ، وقد مر في الفرقان { وأضله الله على علم } بحالة أنه من أهل الخذلان والقهر ، أو على علم الضلال في سابق القضاء ، أو على علم بوجوه الهداية وإحاطته بالألطاف المحصلة لها . وقيل : أراد به المعاند ؛ لأن ضلاله عن علم { فمن يهديه من بعد } إضلال { الله } قال بعض العلماء : قدم السمع على القلب في هذه الآية وبالعكس في " البقرة " لأن كفار مكة كانوا يبغضونه بقلوبهم وما كانوا يستمعون إليه ، وكفار المدينة كانوا يلقون إلى الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم شاعر وكاهن وأنه يطلب الملك والرياسة ، فالسامعون إذا سمعوا ذلك أبغضوه ونفرت قلوبهم عنه . ففي هذه الصورة على هذا التقدير كان الأثر يصعد من البدن إلى جوهر النفس ، وفي الصورة الأولى كان الأثر ينزل من جوهر النفس إلى قرار البدن ، فورد ما في كل سورة على ترتيبه .

/خ37