ثم استدل على كمال علمه بنوع آخر قائلاً : { ألا يعلم من خلق } ومحل " من " رفع ، أي ألا يعلم من خلق مخلوقه ، وذلك أن خلق الشيء يتوقف على معرفة تفاصيل كمياته وكيفياته من خلقه ، وجوز أن يكون " من " بمعنى " ما " ويكون إشارة إلى ما يسره الخلق ويجهرونه ويضمرونه في صدورهم ، وهذا يقتضي أن تكون أفعال العباد مخلوقة لله تعالى . وقد يستدل بالوجهين الأولين أيضاً على ذلك ، لأن العبد لو كان موجداً لأفعال نفسه ، لكان عالماً بتفاصيلها بناء على الآية . ولكنه غير عالم بتفاصيلها لأنه لا يعرف مقادير حركته وسكونه ، وكمية الجواهر الفردة الواقعة على مسافته ، بل لا يعرف الأسباب السابقة والغايات اللاحقة ، لا بكلها ولا بأكثرها في كل من أفعاله . وأنكر في الكشاف أن يكون قوله { ألا يعلم } متروك المفعول على تقادير كون " من " مرفوع المحل نحو " فلان يعطي " قال : لأن قوله { وهو اللطيف الخبير } حال ، والشيء لا يوقت بنفسه ، فلا يقال : ألا يعلم وهو عالم ، ولكن ، ألا يعلم كذا وهو عالم بكل شيء . قلت : أما قوله { وهو اللطيف } حال فممنوع ، ولم لا يجوز أن يكون مستأنفاً ، وعلى تقدير تسليمه فليس معنى قوله { ألا يعلم } متروك المفعول على تقدير كون " من " مرفوع المحل ، حتى يلزم توقيت الشيء بنفسه ، بل المعنى ألا يتصف الخالق بالعلم ، والحال أن علمه وصل إلى بواطن الأشياء وخبايا الأمور . وذلك أن المتصف بالأخص متصف بالأعم ضرورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.