ثم قال تعالى : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )[ 14 ] .
" من " : في موضع رفع اسم الله جل ذكره . ويقبح أن تكون {[69382]} في موضع نصب لأنه يلزم أن يقال {[69383]} : ( ألا يعلم ما خلق ) ، لأنه راجع إلى ( ذات الصدور ) . فالمعنى : ألا يعلم من خلق الصدور سرها وعلانيتها {[69384]} ، كيف يخفى عليه خلقه وهو اللطيف بعباده ، الخبير بأعمالهم ؟ ! وإذا جعلت " من " بمعنى " ما " في موضع نصب ، كان فيه دليل قوي ) {[69385]} على أن الله خالق ما تكن الصدور من خير وشر . ففيه حجة [ قوية ] {[69386]} على القدرية الذين يدعون أنهم يخلقون الشر وأن الله لم يخلقه ولا قدره ، تعالى أن يكون في ملكه ما لم {[69387]} يخلقه وما لم يقدره ، بل لا خالق لكل {[69388]} شيء إلا الله ، ولو كان الشر لم يخلقه الله فمن خلق إبليس ؟ ! ومن خلق الأصنام التي تعبد من دون الله ؟ ! ومن خلق نطفة الزاني وولد الزانية ؟ ! ومن خلق قوة الزاني والسارق وقاطع الطريق {[69389]} ؟ ! وهو كله شر من خلق الله كما قال تعالى : ( يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) {[69390]} .
وقال : ( ولو شاء ربكما ما فعلوه ) {[69391]} ، فكلٌّ بمشيئته {[69392]} كان ، لا شريك له ، يفعل ما يشاء ، لا معقب لحكمه .
وكذلك يكون المعنى إذا جعلت " من " في موضع رفع اسم الله جل ذكره [ ويكون التقدير : ألا ] {[69393]} يعلم الخالق خلقه وهو ( ما ) {[69394]} في الصدور ( من خير وشر فيهم ذلك أن الخلق كله لله : ما في الصدور ) {[69395]} وغيره . وقال أهل الزيغ : " من " في موضع نصب يراد به الخلق {[69396]} دون ما في الصدور ، فهو {[69397]} يدل {[69398]} على خلق أصحاب الأفعال دون الأفعال ، وهو خطأ ظاهر على ما قدمنا {[69399]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.