غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـٔٗا مَّذۡكُورًا} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الدهر وهي مكية حروفها ألف وثلاثة وخمسون كلماتها مائتان وأربعون آياتها 31 ) .

1

التفسير : اتفقوا على أن " هل " هاهنا وفي " الغاشية " بمعنى " قد " وهذا ما ذهب إليه سيبويه قال : وإنما تفيد معنى الاستفهام حيث تفيده لتقدير الهمزة ، وإنما حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال والدليل على تقدير الهمزة ، جواز إظهارها مع " هل " كقوله :

سائل فوارس يربوع بشدتنا *** أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم ؟

ويربوع أبو حي من تميم ، ومعنى الآية أقد أتى . فالاستفهام يفيد التقرير وقد تفيد التقريب فيكون حاصله أنه { أتى على الإنسان } قبل زمان قريب { حين من الدهر } وهو طائفة من الزمان غير محدود . وعن ابن عباس وابن مسعود أن الإنسان هاهنا آدم والحين محدود وذلك أنه مكث أربعين سنة طيناً إلى أن نفخ فيه الروح فصار شيئاً مذكوراً بعد أن كان كالمنسي وفي رواية عنه قال : أقام من طين أربعين سنة ، ومن صلصال أربعين . ثم من حمأ مسنون أربعين ، ثم خلقه بعد مائة وعشرين وإطلاق الإنسان عليه قبل نفخ الروح فيه من باب إطلاق الخمر على العصير . ويجوز أن يراد قد أتى على هذا الذي هو الآن إنسان بالفعل زمان لم يكن هو فيه إنساناً إلا بالقوّة وهذا صادق على آدم كما قلنا ، وعلى بنيه أيضاً عند الأكثرين . ولعل هذه الآية كالتقدمة والتوطئة للتي تعقبها ، وكالتأكيد لخاتمة السورة المتقدمة . وقوله { لم يكن } محله رفع على أنه نعت { حين } أو نصب على الحال من الإنسان لأنه في تقدير المفعول ويروى أن الصديق لما سمع هذه الآية قال : أيتها تمت أي ليت تلك الحالة تمت وهي كونه غير مذكور لم يخلق ولم يكلف . وقيل : الإنسان آدم كما ذكرنا ولكن الحين هو الستة الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض ثم فرغ لخلق آدم في عصر يوم الجمعة . وقيل : الإنسان عام والحين مدة فترة الرسل وقيل : الحين مدة لبثه في بطن أمه .

/خ31