مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۚ وَلَا تُقَٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِيهِۖ فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (191)

{ واقتلوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } وجدتموهم . والثقف الوجود على وجه الأخذ والغلبة { وَأَخْرِجُوهُمْ مّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } أي من مكة وعدهم الله تعالى فتح مكة بهذه الآية وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن لم يسلم منهم يوم الفتح { والفتنة أَشَدُّ مِنَ القتل } أي شركهم بالله أعظم من القتل الذي يحل بهم منكم . وقيل : الفتنة عذاب الآخرة . وقيل : المحنة والبلاء الذي ينزل بالإنسان فيعذب به أشد عليه من القتل . وقيل لحكيم : ما أشد من الموت ؟ قال : الذي يتمنى فيه الموت . فقد جعل الإخراج من الوطن من الفتن التي يتمنى عندها الموت . { وَلاَ تقاتلوهم عِندَ المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فِيهِ } أي ولا تبدأوا بقتالهم في الحرم حتى يبدأوا فعندنا المسجد الحرم يقع على الحرم كله { فَإِن قاتلوكم فاقتلوهم } في الحرم فعندنا يقتلون في الأشهر الحرم لا في الحرم إلا أن يبدأوا بالقتال معنا فحينئذ نقتلهم وإن كان ظاهر قوله «واقتلوهم حيث ثقفتموهم » يبيح القتل في الأمكنة كلها لكن لقوله «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه » خص الحرم إلا عند البداءة منهم كذا في شرح التأويلات { كذلك جَزَاءُ الكافرين } مبتدأ وخبر . «ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم » : حمزة وعلي