مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُواْۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡـَٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (32)

ولما كان أخذ مال الغير بالباطل وقتل النفس بغير حق بتمني مال الغير وجاهه نهاهم عن تمني ما فضل الله به بعض الناس على بعض من الجاه والمال بقوله { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ } لأن ذلك التفضيل قسمة من الله صادرة عن حكمة وتدبير وعلم بأحوال العباد وبما ينبغي لكل من بسط في الرزق أو قبض ، فعلى كل واحد أن يرضى بما قسم له ولا يحسد أخاه على حظه ، فالحسد أن يتمنى أن يكون ذلك الشيء له ويزول عن صاحبه ، والغبطة أن يتمنى مثل ما لغيره وهو مرخص فيه ، والأول منهي عنه . ولما قال الرجال : نرجو أن يكون أجرنا على الضعف من أجر النساء كالميراث ، قالت النساء : يكون وزرنا على نصف وزر الرجال كالميراث نزل { لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا اكتسبوا وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا اكتسبن } أي ليس ذلك على حسب الميراث { واسألوا الله مِن فَضْلِهِ } فإن خزائنه لا تنفد ولا تتمنوا ما للناس من الفضل { إِنَّ الله كَانَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً } فالتفضيل منه عن علم بمواضع الاستحقاق . قال ابن عيينة : لم يأمر بالمسألة إلا ليعطي وفي الحديث " من لم يسأل الله من فضله غضب عليه "

وفيه " إن الله تعالى ليمسك الخير الكثير عن عبده ويقول : لا أعطي عبدي حتى يسألني " « وسلوا » : مكي وعلي