الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُواْۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡـَٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (32)

قوله : ( وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ) الآية [ 32 ] .

نهى المؤمنين أن يتمنوا ما فضل الله به بعضهم على بعض وأمرهم أن يسألوه من فضله ، وروي أن أم سلمة( {[12275]} ) قالت يا رسول الله : لا نعطى الميراث ؟ ولا نغزو في سبيل الله تعالى فنقتل ؟ فأنزل الله عز وجل ( وَلاَ تَتَمَنَّوْا ) الآية( {[12276]} ) .

قال ابن عباس : هو الرجل يقول : وددت لو أن لي مال فلان ، فنهى الله تعالى عن ذلك ، وأمرهم أن يسألوه من فضله( {[12277]} ) لأن التمني يورث الحسد والبغي .

وقال السدي : نزلت في الرجال والنساء . وقال الرجال : لو كان لنا من الأجر مثلا ما للنساء كما لنا من الميراث مثلا ما لهن ، وقال النساء : لو كان لنا أجر مثل الرجال الشهداء ، فلو كتب علينا القتال لقاتلنا ، فقال الله تعالى : ( وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ) وقال ( وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ )( {[12278]} ) .

وقال ابن جبير : ( وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ) العبادة( {[12279]} ) .

وقيل : اسألوه التوفيق ، والعمل بما يرضيه( {[12280]} ) .

( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) . أي : لم يزل عالماً بما يصلح عباده ، فلا يحسد بعضهم بعضاً( {[12281]} ) .

قوله : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ) المعنى : للرجال نصيب مما اكتسبوا من الأبواب على الطاعة ، والعقاب على المعصية وللنساء مثل ( ذلك )( {[12282]} ) .

وقال قتادة : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء( {[12283]} ) شيئاً ، فلما( {[12284]} ) أنزل الله ميراثهم ، قال النساء : لو جعل أنصباءنا ( في الميراث كالرجال ، وقال الرجال : إنَّا لنرجو( {[12285]} ) أن نفضل النساء في الحسنات في الآخرة كما فُضِّلْنا ) في( {[12286]} ) الدنيا عليهن بالميراث فأنزل الله تعالى ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ) يقول : المرأة تجزى بحسنتها ( عَشْرُ أَمْثَالِهَا )( {[12287]} ) كما جزي( {[12288]} ) الرجل ، ثم قال : ( وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ )( {[12289]} ) .

وقيل : إنه لما نزل ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُنْثَيَيْنِ ) قالت النساء : كذلك عليهم نصيبان من الذنوب ، كما لهم نصيبان من الميراث فأنزل الله عز وجل ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ) أي : من الذنوب وللنساء مثل ذلك ( وَسْئَلُوا اللَّهَ( {[12290]} ) مِن فَضْلِهِ )( {[12291]} ) .

وقيل : المعنى : للجميع نصيب من موتاهم( {[12292]} ) .

وقيل : المعنى : للرجال نصيب من موتاهم( {[12293]} ) .

وقيل : المعنى : للرجال نصيب من الأجر وهو الجهاد ، وخصوا به وبأجره ، وللنساء نصيب من الأجر خصصن به ، وهو حفظها لزوجها في السر والعلانية ، ونظرها لزوجها ، وطاعتها له وإصلاحها عليه كل لها فيه أجر خصت به( {[12294]} ) .


[12275]:- أم سلمة "أم المؤمنين" هند بنت حذيفة تزوجها صلى الله عليه وسلم سنة 4 هـ وكانت موصوفة بالعقل البالغ والرأي الصائب. انظر: أسد الغابة 6/340، والإصابة 4/439.
[12276]:- خرجه أحمد في المسند – بتحقيق الشاكر 6/332، والترمذي في أبواب التفسير 4/303، ورواه الحاكم 2/305 – 306/ وتفسير ابن كثير 1/488.
[12277]:- انظر: جامع البيان 5/47، والدر المنثور 2/507.
[12278]:- انظر: المصدر السابق وقد نقله بالمعنى لا بالنص.
[12279]:- انظر: جامع البيان 5/47-48 والدر المنثور 2/407-408.
[12280]:- انظر: المصدر السابق.
[12281]:- انظر: المصدر السابق.
[12282]:- ساقط من (أ) (ج).
[12283]:- (ج): الناس.
[12284]:- (ج): فأما.
[12285]:- (د): ليرجعوا.
[12286]:- ساقط من (أ).
[12287]:- ساقط من (أ) (ج).
[12288]:- كذا... ورواية الطبري يجزي وهو أنسب. انظر: جامع البيان 5/48.
[12289]:- انظر: المصدر السابق.
[12290]:- (ج) (د): واسألوا الله يا معشر النساء.
[12291]:- انظر: المصدر السابق.
[12292]:- عزاه الطبري لابن عباس. انظر: جامع البيان 5/49.
[12293]:- عزاه الطبري لعكرمة. انظر: المصدر السابق.
[12294]:- هو اختيار الطبري. انظر: المصدر السابق.