محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُواْۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡـَٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (32)

ثم نهى تعالى عن التحاسد وعن تمني ما فضل الله به بعض الناس على بعض من المال ونحوه ، مما يجري فيه التنافس بقوله :

/ ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله ان الله كان بكل شيء عليما32 ) .

( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا ) أي أصابوا وأحرزوا ( وللنساء نصيب مما اكتسبن ) أي أصبن وأحرزن . أي لكل فريق نصيب مما اكتسب في نعيم الدنيا قبضا أو بسطا ، فينبغي أن يرضى بما قسم الله له .

وقد روى الإمام أحمد عن مجاهد " أن أم سلمة قالت : يا رسول الله يغزو الرجال ولا يغزو النساء وانما لنا نصف الميراث فأنزل الله تعالى : ( ولا تتمنوا ) الآية " . ورواه الترمذي{[1666]} وقال : غريب . ورواه الحاكم في ( مستدركه ) وزاد : " ثم أنزل الله{[1667]} : أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) " . الآية فان صح هذا فالمعنى : لكل أحد قدر من الثواب يستحقه بكرم الله ولطفه . فلا تتمنوا خلاف ذلك . ولا مانع من شمول الآية لما يتعلق بأحوال الدنيا والآخرة . فان اللفظ محتمل . ولا منافاة . والله أعلم ( واسألوا الله من فضله ) أي من خزائن نعمه التي لا نفاد لها . وقد روى الترمذي{[1668]} وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : / " سلوا الله من فضله . فان الله عز وجل يحب أن يسأل . وأفضل العبادة انتظار الفرج " . ( ان الله كان بكل شيء عليما ) ولذلك جعل الله الناس على طبقات رفع بعضهم على بعض درجات حسب مراتب استعداداتهم الفائضة عليهم بموجب المشيئة المبنية على الحكم الأبية . قاله أبو السعود .


[1666]:أخرجه الترمذي في: 44 –كتاب التفسير، 4 –سورة النساء، 8 –حدثنا ابن أبي عمر.
[1667]:|3/ آل عمران/ 195| ونصها: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب195).
[1668]:أخرجه الترمذي في: 45 –كتاب الدعوات، 115 –باب في انتظار الفرج وغي ذلك.