مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمَا تَفَرَّقُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى لَّقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (14)

{ وَمَا تَفَرَّقُواْ } أي أهل الكتاب بعد أنبيائهم { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم } إلا من بعد أن علموا أن الفرقة ضلال وأمر متوعد عليه على ألسنة الأنبياء عليهم السلام { بَغْياً بَيْنَهُمْ } حسداً وطلباً للرياسة والاستطالة بغير حق { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهي { بل الساعة موعدهم } { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } لأهلكوا حين افترقوا لعظم ما اقترفوا { وَإِنَّ الذين أُورِثُواْ الكتاب مِن بَعْدِهِمْ } هم أهل الكتاب الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم { لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ } من كتابهم لا يؤمنون به حق الإيمان { مُرِيبٍ } مدخل في الريبة . وقيل : وما تفرق أهل الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى : { وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينة } { وَإِنَّ الذين أُورِثُواْ الكتاب مِن بَعْدِهِمْ } [ الشورى : 14 ] . هم المشركون أورثوا القرآن من بعد ما أورث أهل الكتاب التوراة والإنجيل .