الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَا تَفَرَّقُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى لَّقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (14)

{ وَمَا تَفَرَّقُواْ } يعني : أوائل اليهود والنصارى { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ العلم } .

وقوله : { بَغْياً بَيْنَهُمْ } أي : بغى بعضُهم على بَعْضٍ ، وأدَّاهم ذلك إلى اختلاف الرأْي وافتراقِ الكلمةِ ، والكلمة السابقة قال المفسرون : هي حتمه تعالى القضاءَ بأَنَّ مجازاتهم إنَّما تقع في الآخرة ، ولولا ذلك لَفَصَلَ بينهم في الدنيا ، وغَلَّبَ المُحِقَّ على المُبْطِلِ .

وقوله تعالى : { وَإِنَّ الذين أُورِثُواْ الكتاب } إشارة إلى معاصري نَبِيِّنا محمد عليه السلام من اليهود والنصارى ، وقيل : هو إشارة إلى العرب ؛ والكتاب على هذا هو القرآن ، والضمير في قوله : { لَفي شَكٍّ مِّنْهُ } يحتمل أنْ يعودَ على الكتاب ، أو على محمد ، أو على الأجل المسمى ، أي : في شَكٍّ من البعث ؛ على قول مَنْ رأى أَنَّ الإشارة إلى العرب ، ووَصَفَ الشَّكّ ب { مُرِيبٍ } ؛ مبالغة فيه .