اعلم أنه تعالى لما بين أنه أمر كل الأنبياء والأمم بالأخذ بالدين المتفق عليه كان لقائل أن يقول : فلماذا نجدهم متفرقين ؟ فِأجاب بقوله : { وَمَا تفرقوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العلم بَغْياً بَيْنَهُمْ } يعني أنهم ما تفرقوا إلا من بعد أن علموا أن الفرقة ضلالة ، ولكنهم فعلوا ذلك للبغي وطلب الرياسة ، فحملتهم الحميَّة النَّفسانية الطبيعية{[49141]} ، على أن ذهبت{[49142]} كل طائفة إلى مذهب ، ودعوا الناس إليه ، وقبحوا ما سواه طالباً للذكر والرياسة فصار ذلك سبباً لوقوع الاختلاف .
ثم أخبر تعالى أنهم استحقوا العذاب بسبب هذا الفعل ، إلا أنَّه تعالى أخَّر عنهم ذلك العذاب لأن لكل عذاب عنده أجلاً مسمًّى ، أي وقتاً معلوماً وهذا معنى قوله : { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بِيْنَهُمْ } . والأجل المسمَّى قد يكون في الدنيا ، وقد يكون في الآخرة ، واختلفوا في الذين أريدوا بهذه الصفة ، فقال ابن عباس والأكثرون : هم اليهود والنصارى{[49143]} ، لقوله تعالى في آل عمران : { وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العلم بَغْياً بَيْنَهُمْ } [ آل عمران : 19 ] .
قوله في سورة «لم يكن » : { وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البينة } [ البينة : 4 ] . وقيل : هم العرب{[49144]} ، وهذا باطل ، لما تقدم ، لأن قوله تعالى بعد هذه الآية : { وَإِنَّ الذين أُورِثُواْ الكتاب مِن بَعْدِهِمْ }{[49145]} أي من بعد أنبيائهم . وقيل : من بعد الأمم الخالية { لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ } أي من كتابهم . وقيل من محمد صلى الله عليه وسلم{[49146]} و«مُرِيبٍ » صفة الشك ، أي لا يؤمنون به حق الإيمان .
قوله : «أُورِثُوا : قرأ زيد بن علي : وُرِّثُوا بالتشديد مبنياً للمفعول{[49147]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.