مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَلِذَٰلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَٰبٖۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

{ فَلِذَلِكَ } فلأجل ذلك التفرق ولما حدث بسببه من تشعب الكفر شعباً { فادع } إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفية القوية { واستقم } عليها وعلى الدعوة إليها { كَمَا أُمِرْتَ } كما أمرك الله { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ } المختلفة الباطلة { وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَا أَنزَلَ الله مِن كتاب } بأي كتاب صح أن الله تعالى أنزله يعني الإيمان بجميع الكتب المنزلة لأن المتفرقين آمنوا ببعض وكفروا ببعض كقوله : { وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } إلى قوله

{ أُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون حَقّاً } [ النساء : 150-151 ] { وَأُمِرْتُ لأَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ } في الحكم إذا تخاصمتم فتحاكمتم إليّ { الله رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } أي كلنا عبيده { لَنَآ أعمالنا وَلَكُمْ أعمالكم } هو كقوله { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } [ الكافرون : 6 ] ويجوز أن يكون معناه إنا لا نؤاخذ بأعمالكم وأنتم لا تؤاخذون بأعمالنا { لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } أي لا خصومة لأن الحق قد ظهر وصرتم محجوبين به فلا حاجة إلى المحاجة ، ومعناه لا إيراد حجة بيننا لأن المتحاجين يورد هذا حجته وهذا حجته { الله يَجْمَعُ بَيْنَنَا } يوم القيامة { وَإِلَيْهِ المصير } المرجع لفصل القضاء فيفصل بيننا وينتقم لنا منكم