مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُواْ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَلَمۡ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَلِيجَةٗۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (16)

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جاهدوا مِنكُمْ } «أم » منقطعة والهمزة فيها للتوبيخ على وجود الحسبان أي لا تتركون على ما أنتم عليه حتى يتبين المخلص منكم وهم الذين جاهدوا في سبيل الله لوجه الله { وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ الله وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المؤمنين وَلِيجَةً } أي بطانة من الذين يضادون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ولما معناها التوقع ، وقد دلت على أن تبين ذلك متوقع كائن ، وأن الذين لم يخلصوا دينهم لله يميز بينهم وبين المخلصين . { وَلَمْ يَتَّخِذُواْ } معطوف على { جاهدوا } داخل في حيز الصلة كأنه قيل : ولما يعلم الله المجاهدين منكم والمخلصين غير المتخذين وليجة من دون الله ، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم كقولك «ما علم الله مني ما قيل فيّ » . تريد ما وجد ذلك مني ، والمعنى أحسبتم أن تتركوا بلا مجاهدة ولا براءة من المشركين { والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من خير أو شر فيجازيكم عليه .