لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُواْ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَلَمۡ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَلِيجَةٗۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (16)

قوله عز وجل : { أم حسبتم أن تتركوا } هذا من الاستفهام المعترض في وسط الكلام ولذلك أدخلت فيه أم لتفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ والمعنى أظننتم أيها المؤمنون أن تتركوا فلا تؤمروا بالجهاد ولا تمتحنوا ليظهر الصادق من الكاذب { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } أراد بالعلم : المعلوم ، لأن وجود الشيء يلزمه معلوم الوجود عند الله لا جرم جعل علم الله بوجوده كناية عن وجوده . قاله الإمام فخر الدين الرازي : ونقل الواحدي عن الزجاج أي العلم الذي يجازي عليه لأنه إنما يجازي على ما عملوا { ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة } قال الفراء : الوليجة : البطانة من المشركين يتخذونهم يفشون إليهم أسرارهم . وقال قتادة : وليجة ، يعني خيانة . وقال الضحاك : خديعة . وقال عطاء : أولياء . يعني لا تتخذوا المشركين أولياء من دون الله ورسوله والمؤمنين . وقال أبو عبيدة : كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة والرجل يكون في القوم وليس منهم وليجة من الولوج فوليجة الرجل من يختصه بدخيلة أمره دون الناس . وقال الراغب : الوليجة كل ما يتخذه الإنسان معتمداً عليه وليس من قولهم فلان وليجة في القوم إذا دخل فيهم وليس منهم والمقصود من هذا نهي المؤمنين عن موالاة المشركين وإن يفشوا إليهم أسرارهم { والله خبير بما تعملون } يعني من موالاة المشركين وإخلاص العمل لله وحده .