تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُواْ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَلَمۡ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَلِيجَةٗۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (16)

{ 16 ْ } { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ْ }

يقول تعالى لعباده المؤمنين بعد ما أمرهم بالجهاد : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا ْ } من دون ابتلاء وامتحان ، وأمر بما يبين به الصادق والكاذب .

{ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ْ } أي : علما يظهر مما في القوة إلى الخارج ، ليترتب عليه الثواب والعقاب ، فيعلم الذين يجاهدون في سبيله : لإعلاء كلمته { وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ْ } أي : وليا من الكافرين ، بل يتخذون اللّه ورسوله والمؤمنين أولياء .

فشرع اللّه الجهاد ليحصل به هذا المقصود الأعظم ، وهو أن يتميز الصادقون الذين لا يتحيزون إلا لدين اللّه ، من الكاذبين الذين يزعمون الإيمان وهم يتخذون الولائج والأولياء من دون اللّه ولا رسوله ولا المؤمنين .

{ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ْ } أي : يعلم ما يصير منكم ويصدر ، فيبتليكم بما يظهر به حقيقة ما أنتم عليه ، ويجازيكم على أعمالكم خيرها وشرها .