ثم بين تعالى خطأهم في موالاتهم حيث يبذلونها لأهل البغضاء بقوله :
( ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور119 ) .
( ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم ) أي تخالطونهم وتفشون إليهم أسراركم ولا يفعلون مثل ذلك بكم . وقوله ( وتؤمنون بالكتاب كله ) الواو للحال وهي منتصبة من ضمير المفعول في ( لا يحبونكم ) والمعنى لا يحبونكم والحال أنكم تؤمنون بكتابهم فلا تنكرون منه شيئا ، فليس فيكم ما يوجب بغضهم لكم . فما بالكم تحبونهم وهم يكفرون بكتابكم كله ؟
ولم تجعل الواو للعطف على ( ولا يحبونكم ) أو ( تحبونهم ) كما ارتضاه أبو حيان لأنه في معرض التخطئة . ولا كذلك الإيمان بالكتاب فانه محض الصواب . وان اعتذر له بأن المعنى : يجمعون بين محبة الكفار والإيمان وهما لا يجتمعان ، لبعده . والحالية مقررة للخطأ فتأمل ، نقله الخفاجي .
قال الزمخشري : فيه توبيخ شديد بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم . ونحوه : ( فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) . ( وإذا لقوكم قالوا آمنا ) نفاقا وتغريرا ( وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ) أي من أجله ، تأسفا وتحسرا . حيث لم يجدوا إلى التفشي سبيلا . وعض الأنامل عادة النادم العاجز والمغتاظ إذا عظم حزنه على فوات مطلوبه . ولما كثر هذا الفعل من الغضبان صار ذلك كناية عن / الغضب . حتى يقال في الغضبان : انه يعض يده غيظا ، وان لم يكن هناك عض ( قل موتوا بغيظكم ) دعاء بأن يزداد غيظهم حتى يهلكوا به . والمراد بزيادة الغيظ زيادة ما يغيظهم من قوة الإسلام وعز أهله . وما لهم في ذلك من الذل والخزي والتبار . كذا في ( الكشاف ) ( إن الله عليم بذات الصدور ) فيعلم ما في صدورهم من البغضاء والحنق . وهو يحتمل أن يكون من ( المقول ) أي وقل لهم : إن الله عليم بما هو أخفى مما تخفونه من عض الأنامل غيظا . وأن يكون خارجا عنه بمعنى : قل لهم ذلك ولا تتعجب من اطلاعي إياك على أسرارهم فاني عليم بالأخفى من ضمائرهم . وقيل : هو أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطيب النفس ، وقوة الرجاء ، والاستبشار بوعد الله تعالى أن يهلكوا غيظا بإعزاز الإسلام وإذلالهم به من غير أن يكون ثمت قول . كأنه قيل : حدث نفسك بذلك –أفاده أبو السعود-
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.