محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلٗاۖ يَٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُۥ وَٱلطَّيۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِيدَ} (10)

ثم أخبر تعالى عما آتى داود وسليمان من الفضل والملك وسعة السلطان ووفرة الجند وكثرة العدد والعدد ، ببركة إنابتهما وقيامهما بشكر الرب تعالى ، عدة للنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه المنيبين الشاكرين بنيل مثل ذلك ، وتذكيرا بقدرته على كل شيء ، فقال تعالى : { *ولقد أتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد ( 10 ) } .

{ ولقد آتينا داوود منا فضلا يا جبال أوبي معه } أي رجّعي معه التسبيح و { يا جبال } بدل من { فضلا } أو من { آتينا } بتقدير قولنا ، أو قلنا يا جبال أوّبي معه { والطير } بالرفع والنصب ، عطفا على لفظ الجبال ومحلها . وحمل انتصابه مفعولا معه وأن يعطف على { فضلا } بمعنى وسخرنا له الطير . قال الزمخشري : فإن قلت أي فرق بين هذا النظم وبين أن يقال وآتينا داوود منا فضلا ، تأويب الجبال معه والطير ؟ قلت : كم بينهما  ! ألا ترى ما فيه من الفخامة التي لا تخفى ، من الدلالة على عزة الربوبية وكبرياء الإلهية ، حيث جعلت الجبال منزلة العقلاء الذين إذا أمرهم أطاعوا وأذعنوا ، وإذا دعاهم سمعوا وأجابوا ، إشعارا بأنه ما من حيوان وجماد وناطق وصامت ، إلا وهو منقاد لمشيئته غير ممتنع على إرادته . انتهى .