الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلٗاۖ يَٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُۥ وَٱلطَّيۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِيدَ} (10)

قوله تعالى ذكره : { ولقد آتينا داود منا فضلا }10 إلى قوله : { من عبادي الشكور }13 .

أي : ولقد أعطينا داود منا فضلا وقلنا للجبال : { يا جبال أوبي معه } أي : سبحي معه إذا سبح قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد{[55776]} .

والتأويب في كلام العرب : الرجوع ومبيت الرجل في منزله وأهله ، وأصله من سرعة رجع أيدي الإبل وأرجلها في السير الحثيث وهو التأويب{[55777]} .

وقرئت " أوبي " بالتخفيف{[55778]} من آب يؤوب بمعنى تصرفي معه{[55779]} .

ثم قال : { والطير } فمن نصب فعلى معنى : سخرنا له الطير هذا قول أبي عمرو{[55780]} .

وقال الكسائي : هو معطوف على " داوود " أي : وآتيناه الطير{[55781]} .

ونصبه عند سيبويه على موضع يا جبال{[55782]} .

ويجوز أن يكون مفعولا معه ، فيكون المعنى : يا جبال أوبي معه ومع الطير .

وقد قرئ بالرفع{[55783]}/ على العطف على لفظ الجبال أو على المضمر في " أوبي " وحسن ذلك فرقت ب معه{[55784]} .

وقوله : { أن اعمل } أن لاموضع لها بمعنى أي{[55785]}ويجوز أن تكون في موضع نصب على معنى : لأن اعمل{[55786]} .

وقيل : التقدير وعهدنا إليه بأن أعمل ، وقاله الطبري{[55787]} .

ثم قل : { وألنا له الحديد } .

قال قتادة : سخر الله له الحديد بغير نار{[55788]} ، فكان يسويه بيده ولا يدخله نارا ولا يضربه بحديد .

وروي أنه كان في يده بمنزلة الطين{[55789]} وهو أول من سخر له الحديد .

وقيل : أعطاه الله قوة يثني بها الحديد{[55790]} .

قال الحسن : كان داود يأخذ الحديد فيكون في يده بمنزلة العجين{[55791]} .


[55776]:انظر: جامع البيان 22/ 65ـ66 والمحرر الوجيز 13/112 والبحر المحيط 7/ 262 وتفسير ابن كثير 3/528 والدر المنثور 6/675
[55777]:انظر: هذه الأوجه في اللسان مادة "أوب" 1/ 217 وما بعدها.
[55778]:هي قراءة ابن عباس والحسن وقتادة وابن أبي إسحاق انظر: المختصر لابن خالويه 121.
[55779]:قال ابن منظور في اللسان مادة "أوب" 1/218 فمن قرأ "أوبي معه" فمعناه: يا جبال سبحي معه ورجعي التسبيح لأنه قال: "سخرنا الجبال معه يسبحن" ومن قرأ "أوبي معه" فمعناه: عودي معه في التسبيح كلما عاد فيه"
[55780]:انظر: إعراب النحاس 3/334 ومشكل الإعراب لمكي 2/584، ومجاز أبي عبيدة 2/143،
[55781]:قال النحاس في إعرابه 3/334: إن الكسائي يرى أن "والطير" معطوف على "فضلا" وهو ما نقله مكي نفسه في مشكل الإعراب 2/584 وأبو حيان في البحر المحيط 7/263 والقرطبي في الجامع 14/266
[55782]:انظر: إعراب النحاس 3/334 ومشكل الإعراب لمكي 2/583 والجامع للقرطبي 14/ 266
[55783]:نسب ابن خالويه قراءة والطير "بالرفع إلى الأعرج، وعبد الوارث عن أبي عمرو انظر: المختصر 121، ونسبها أبو حيان في البحر المحيط 7/263 إلى السلمي وابن هرمز وأبي يحيى وأبي نوفل ويعقوب وابن أبي عبلة وجماعة من أهل المدينة وعاصم في رواية أما القرطبي في الجامع 14/266 فقد نسب هذه القراءة إلى ابن أبي إسحاق ونصر عن عاصم وابن هرمز ومسلمة بن عبد الملك.
[55784]:انظر: مشكل الإعراب لمكي 2/584
[55785]:انظر: المصدر السابق والتبيان للعكبري 2/1064
[55786]:انظر: مشكل الإعراب لمكي 2/584
[55787]:انظر: جامع البيان 22/66
[55788]:المصدر السابق
[55789]:هو قول السدي كما في الجامع للقرطبي 14 ـ 266
[55790]:انظر: الجامع للقرطبي 14/266
[55791]:انظر: المصدر السابق والبحر المحيط 7/263 والدر المنثور 6/676