الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلٗاۖ يَٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُۥ وَٱلطَّيۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِيدَ} (10)

ثم ذكَر اللّه تَعَالَى نعمتَه عَلى دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ احتجَاجاً عَلى مَا مَنَحَ مُحَمَّداً ، و{ أَوِّبِي } مَعنَاه : رَجِّعي معه ، قال ابنُ عَبَّاسٍ وغيرُهُ : معناه : يا جبالُ سَبِّحِي مَعَه ، أي : يُسَبِّحُ هُوَ وتُرَجِّع هِيَ معه التسبيحَ ، أي : تُرَدِّدُهُ بالذكر .

وقال مؤرخ : { أَوِّبِي } سَبِّحِي بِلُغَةِ الحَبَشةِ ، وقَرَأَ عَاصِمُ : «والطيرُ » بالرفع عَطْفاً عَلى لفظِ قوله : «يا جبال » وَقَرَأَ نَافِعُ وَابْنُ كَثِيرٍ : و )الطيرَ( بِالنَّصَبِ .

قَالَ سَيبَوَيْهِ : عَطَفَ عَلَى مَوْضِع قَوْلِهِ : «يا جبال » لأَنَّ مَوْضِعَ المنادَى المفردِ نصبٌ ، وقيل : نَصْبُها بإضمار فِعْلٍ تقديرُه وسخَّرْنَا الطَّيْرَ ، { وَأَلَنَّا لَهُ الحديد } مَعْنَاه : جَعَلْنَاهُ لَيِّناً ، ورَوَى قَتَادَةُ وَغَيْرِه : أَنَّ الْحَدِيدَ كَانَ لَهُ كَالشَّمْعِ ؛ لاَ يَحْتَاجُ فِي عَمَلِهِ إلَى نَارٍ .