محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

{ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها } قال ابن كثير : أي أمارات اقترابها ، كقوله تبارك وتعالى{[6590]} { هذا نذير من النذر الأولى * أزفت الآزفة } وكقوله جلت عظمته :{[6591]} { اقتربت الساعة وانشق القمر } وقوله سبحانه وتعالى :{[6592]} { أتى أمر الله فلا تستعجلوه } وقوله جل وعلا :{[6593]} { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون } . فبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ، لأنه خاتم الرسل ، الذي أكمل الله تعالى به الدين ، وأقام به الحجة على العالمين . وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأمارات الساعة وأشراطها ، وأبان عن ذلك وأوضحه ، بما لم يؤته نبي قبله ، كما هو مبسوط في موضعه .

وقال الحسن البصري : بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ، وهو كما قال ، ولهذا جاء في أسمائه صلى الله عليه وسلم أنه نبي التوبة ، ونبي الملحمة ، والحاشر الذي تحشر الناس على قدميه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي .

روى البخاري {[6594]} عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا – بالوسطى والتي تليها- : بعثت أنا والساعة كهاتين ) .

{ فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } أي ذكرى ما قد ضيعوا وفرّطوا فيه من طاعة الله إذا جاءتهم الساعة . يعني : أن ليس ذلك بوقت ينفعهم فيه التذكر والندم ، لأنه وقت مجازاة ، لا وقت استعتاب واستعمال .


[6590]:[53 / النجم/ 56و57].
[6591]:[54/ القمر/ 1].
[6592]:[16/ النحل/ 1].
[6593]:[21/ الأنبياء / 1].
[6594]:أخرجه البخاري في: 81 –كتاب الرقاق، 39 – باب قول النبي صلى الله عليه وسلم (بعثت أنا والساعة كهاتين) حديث رقم 2068.