تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَٰجَكُمُ ٱلَّـٰٓـِٔي تُظَٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ} (4)

تظاهِرون : تقولون للمرأة : أنت عليَّ كظهر أمي ، وكانت عادةً في الجاهلية ، إذا قال الرجل لزوجته هذا القول حرُمت عليه أبدا . فجاء الإسلام وأبطل هذه العادة وجعل الحرمة مؤقتة وعليها غرامة .

الأدعياء مفردها دعي : هو الذي يتبناه الإنسان . وكان ذلك معمولا به في الجاهلية وصدرِ الإسلام ثم حَرُم بهذه الآيات .

السبيل : طريق الحق .

{ مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } : حتى يطيعَ بأحدِهما ويعصي بالآخر ، وكان العرب في الجاهلية يقولون : للرجل الذكيّ قَلْبان ، وهذه خرافة .

وما جعل زوجةَ أحدِكم حين يقول لها : أنتِ عليَّ كظهرِ أمّي ، أمّاً له حقيقة ، فأبطِلوا ، وعلى من تفوّه بها كفّارة .

{ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ . . . . } : حرم الإسلام أن يتخذ الإنسان ولداً أو بنتا ويقول هذا ابني ، أرِثه ويرثني .

قراءات :

قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع : { اللاءِ } بهمزة مكسورة بدون ياء ، والباقون : { اللائي } بهمزة بعدها ياء .

وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : { تَظَّهَّرون } بفتح التاء وتشديد الظاء والهاء المفتوحتين ، وقرأ ابن عامر : { تظّاهرون } بفتح التاء وتشديد الظاء بعدها ألف ، وقرأ عاصم : { تُظاهِرون } بضم التاء وفتح الظاء بدون تشديد كما هو في المصحف .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَٰجَكُمُ ٱلَّـٰٓـِٔي تُظَٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ} (4)

قوله عز وجل :{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } نزلت في أبي معمر ، جميل بن معمر الفهري ، وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما يسمع ، فقالت قريش : ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء إلا وله قلبان ، وكان يقول : إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ، فلما هزم الله المشركين يوم بدر انهزم أبو معمر فيهم ، فلقيه أبو سفيان وإحدى نعليه بيده ، والأخرى في رجله ، فقال له : يا أبا معمر ما حال الناس ؟ قال انهزموا ، قال : فما لك إحدى نعليك في يدك الأخرى في رجلك ؟ فقال أبو معمر : ما شعرت إلا أنهما في رجلي ، فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده . وقال الزهري ، ومقاتل : هذا مثل ضربه الله عز وجل للمظاهر من امرأته وللمتنبي ولد غيره ، يقول : فكما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى تكون له أمان ، ولا يكون له ولد واحد ابن رجلين . { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم } قرأ أهل الشام والكوفة : اللائي ها هنا وفي سورة الطلاق بياء بعد الهمزة ، وقرأ قالون عن نافع ويعقوب بغير ياء بعد الهمزة ، وقرأ الآخرون بتليين الهمزة ، وكلها لغات معروفة ، تظاهرون قرأ عاصم بالألف وضم التاء وكسر الهاء مخففاً ، وقرأ حمزة والكسائي بفتح التاء والهاء مخففاً ، وقرأ ابن عامر بفتحها وتشديد الظاء ، وقرأ الآخرون بفتحها وتشديد الظاء والهاء من غير ألف بينهما . وصورة الظهار : أن يقول الرجل لامرأته : أنت علي كظهر أمي . يقول الله تعالى : ما جعل نساءكم اللائي تقولون لهن هذا في التحريم كأمهاتكم ، ولكنه منكر وزور ، وفيه كفارة نذكرها إن شاء الله تعالى في سورة المجادلة . { وما جعل أدعياءكم } يعني : من تبنيتموه { أبناءكم } فيه نسخ التبني ، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يتبنى الرجل فيجعله كالابن المولود له ، يدعوه الناس إليه ، ويرث ميراثه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعتق زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي ، وتبناه قبل الوحي ، وآخى بينه وبين حمزة ابن عبد المطلب ، فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش وكانت تحت زيد بن حارثة ، قال المنافقون تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى عن ذلك ، فأنزل الله هذه الآية ونسخ التبني ، { ذلكم قولكم بأفواهكم } لا حقيقة له يعني قولهم زيد بن محمد صلى الله عليه وسلم وادعاء نسب لا حقيقة له ، { والله يقول الحق } يعني : قوله الحق ، { وهو يهدي السبيل } أي : يرشدهم إلى سبيل الحق .