الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَٰجَكُمُ ٱلَّـٰٓـِٔي تُظَٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ} (4)

أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم يوماً يصلي ، فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه : ألا ترى أن له قلبين ؟ قلباً معكم ، وقلباً معهم . فأنزل الله { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة قالوا : كان رجل يدعى ذا القلبين ، فأنزل الله { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان رجل من قريش يسمى من دهائه ذا القلبين ، فأنزل الله هذا في شأنه .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى ذا القلبين . كان يقول : لي نفس تأمرني ، ونفس تنهاني ، فأنزل الله فيه ما تسمعون .

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : إن رجلاً من بني فهر قال : إن في جوفي قلبين ، اعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ، فنزلت .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي : أنها نزلت في رجل من قريش من بني جمح ، يقال له : جميل بن معمر .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال « صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فسها فيها ، فخطرت منه كلمة ، فسمعها المنافقون ، فأكثروا فقالوا : إن له قلبين . ألم تسمعوا إلى قوله وكلامه في الصلاة ؟ إن له قلباً معكم ، وقلباً مع أصحابه ، فنزلت { يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين } إلى قوله { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } » .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الزهري في قوله { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } قال : بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة ، ضرب له مثلاً يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان الرجل يقول لامرأته : أنت عليَّ كظهر أمي . فقال الله { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم } وكان يقال : زيد بن محمد . فقال الله { وما جعل أدعياءكم أبناءكم } .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم } أي ما جعلها أمك ، وإذا ظاهر الرجل من امرأته فإن الله لم يجعلها أمه ، ولكن جعل فيها الكفارة { وما جعل أدعياءكم أبناءكم } يقول : ما جعل دعيك ابنك . يقول : إن ادعى رجل رجلاً فليس بابنه . ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول « من ادعى إلى غير أبيه متعمداً حرم الله عليه الجنة » .

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { وما جعل أدعياءكم أبناءكم } قال : نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عنه .