تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَٰجَكُمُ ٱلَّـٰٓـِٔي تُظَٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ} (4)

ثم قال :

{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } نزلت في أبي معمر بن أنس الفهري ، كان رجلا حافظا لما سمع وأهدى الناس بالطريق وكان لبيبا ، فقالت قريش : ما أحفظ أبا معمر ، إلا أنه ذو قلبين ، فكان جميل يقول : إن في جوفي قلبين أحدهما أعقل من محمد ، فلما كان يوم بدر انهزم وأخذ نعله في يده ، فقال له سليمان بن الحارث : أين تذهب يا جميل ؟ تزعم أن لك قلبين أحدهما أعقل من محمد صلى الله عليه وسلم .

ثم قال :{ وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم } يعني أوس بن الصامت بن قيس الأنصاري من بني عوف بن الخزرج وامرأته خولة بنت قيس بن ثعلبة بن مالك بن أصرم بن حرامة من بني عمرو بن عوف بن الخزرج .

ثم قال :{ وما جعل أدعياءكم أبناءكم } يعني النبي صلى الله عليه وسلم تبنى زيد بن حارثة اتخذه ولدا ، فقال الناس : زيد بن محمد ، فضرب الله تعالى لذلك مثلا ، فقال :{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } { وما جعل أدعياءكم } فكما لا يكون للرجل الواحد قلبان ، كذلك لا يكون دعى الرجل ابنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة بن قرة بن شرحبيل الكلبي ، من بني عبد ود ، كان النبي صلى الله عليه وسلم تبناه في الجاهلية وأخي بينه وبين حمزة بن عبد المطلب ، رضي الله عنهما ، في الإسلام ، فجعل الفقير أخا الغنى ليعود عليه ، فلما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ، وكانت تحت زيد بن حارثة ، قالت اليهود والمنافقون : تزوج محمد امرأة ابنه ، وهو ينهانا عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، فذلك قوله سبحانه :{ وما جعل أدعياءكم } يعني دعى النبي صلى الله عليه وسلم حين ادعى زيدا ولدا ، فقال : هو ابني { أبناءكم } يقول : لم يجعل أدعياءكم أبناءكم . ثم قال :{ ذلكم } الذي قلتم زيد بن محمد هو { قولكم بأفواهكم } يقول : إنكم قلتموه بألسنتكم { والله يقول الحق } فيما قال من أمر زيد بن حارثة { وهو يهدي السبيل } آية يعني وهو يدل إلى طريق الحق ،