الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَٰجَكُمُ ٱلَّـٰٓـِٔي تُظَٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ} (4)

واختلف في السبب في قوله تعالى : { مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } [ الأحزاب : 4 ] .

فقال ابن عباس : سببُهَا أن بعضَ المنافقينَ قَال : إن محمداً له قلبَانِ ، وقيل غير هذا .

قال ( ع ) : ويظهَرُ مِنْ الآية بِجُمْلَتِهَا أنَّها نَفيٌ لأشْيَاءَ كانت العربُ تعتقِدُها في ذلك الوقتِ ، وإعلام بحقيقةِ الأمرِ ، فمنها أن العربَ كانتْ تَقُول : إن الإنسانَ له قلبٌ يأمره ، وقلب ينهاه ، وكان تضادّا لخواطِر يحملُها على ذلك ، وكذلك كانت العربُ تعتقد الزوجة إذا ظاهر منها بمنزلة الأم ، وتراه طلاقاً ، وكانت تعتقد الدَّعِيَّ المُتَبَنَّى ابْناً ، فَنَفَى اللّه ما اعتقدوه من ذلك .

وقوله سبحانه : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } سببُها أمرُ زيد بن حارثة كانوا يَدْعُونَه : زيدَ بن مَحَمدٍ ، و{ السبيل } هنا سبيلُ الشرع والإيمان .