تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظًاۖ إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ} (48)

حفيظا : رقيبا ، محاسباً لأعمالكم .

رحمة : نعمة من صحة وغنى .

سيئة : بلاء .

فإن أعرضَ المشركون عن إجابتك أيها الرسول فلا تحزنْ ، فلست عليهم رقيبا فيما يفعلون .

{ إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البلاغ }

إن وظيفتك أن تبلّغ ، فإذا أنت بلّغت فقد أديتَ الأمانة . { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ البقرة : 272 ] .

ثم بين الله تعالى طبيعةَ الإنسان وغريزته في هذه الحياة وضعفه فقال :

{ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإنسان كَفُورٌ }

هذه هي طبيعة الإنسان : إذا أغنيناه وأعطيناه سعةً من الرزق فرح وبطر ، وإن أصابته فاقةٌ أو مرض { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من معاصٍ ومخالفات - يئس وقنط ، إن الإنسان يكفر النعمة ويجحدها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظًاۖ إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ} (48)

{ فَإِنْ أَعْرَضُوا } عما جئتهم به بعد البيان التام { فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } تحفظ أعمالهم وتسأل عنها ، { إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ } فإذا أديت ما عليك ، فقد وجب أجرك على اللّه ، سواء استجابوا أم أعرضوا ، وحسابهم على اللّه الذي يحفظ عليهم صغير أعمالهم وكبيرها ، وظاهرها وباطنها .

ثم ذكر تعالى حالة الإنسان ، وأنه إذا أذاقه الله رحمة ، من صحة بدن ، ورزق رغد ، وجاه ونحوه { فَرِحَ بِهَا } أي : فرح فرحا مقصورا عليها ، لا يتعداها ، ويلزم من ذلك طمأنينته بها ، وإعراضه عن المنعم .

{ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي : مرض أو فقر ، أو نحوهما { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ } أي : طبيعته كفران النعمة السابقة ، والتسخط لما أصابه من السيئة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظًاۖ إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ} (48)

قوله : { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } إن أعرض هؤلاء المشركون عن دعوة الحق فلم يستجيبوا ولم يؤمنوا وأبوا إلا الإعراض والشرك والضلال فإنا لم نرسلك رقيبا عليهم تحفظ عليهم أعمالهم فتحاسبهم عليها ، ولا موكلا بهم فلا تفارقهم حتى يؤمنوا أي ليس لك أن تكرههم على الإيمان إكراها { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلَاغُ } أي ليس عليك يا محمد إلا أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم من دعوة الإيمان والتوحيد .

قوله : { وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا } إذا أُعطي الإنسان شيئا من نعم الدنيا وزينتها بَطِرَ بها وسُرَّ بها بالغ السرور بما رزقه الله من السعة والمال وغير ذلك من وجوه النعمة والرخاء .

قوله : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ } إن أصاب المشركين والعصاة بلاء من فاقة أو ضيق أو شدة في العيش بسبب معاصيهم وما أسلفوا من السيئات جحدوا نعمة الله ونسوا ما مَنَّ الله به عليهم من وجوه الخير والرزق . وذلك هو وضع الإنسان في سرعة نسيانه للمصائب وشدة جحوده لنعم الله{[4118]} .


[4118]:تفسير الطبري ج 25 ص 27 وتفسير القرطبي ج 16 ص 47-48.