مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظًاۖ إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ} (48)

{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ } عن الإيمان { فَمَآ أرسلناك عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } رقيباً { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البلاغ } ما عليك إلا تبليغ الرسالة وقد فعلت { وَإِنَّآ إِذَا أَذَقْنَا الإنسان } المراد الجمع لا الواحد { مِنَّا رَحْمَةً } نعمة وسعة وأمناً وصحة { فَرِحَ بِهَا } بطر لأجلها { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } بلاء كالمرض والفقر ونحوهما .

وتوحيد فرح باعتبار اللفظ والجمع في { وَإِن تُصِبْهُمْ } باعتبار المعنى { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } بسبب معاصيهم { فَإِنَّ الإنسان كَفُورٌ } ولم يقل فإنه كفور ليسجل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم كما قال : { إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [ إبراهيم : 34 ] . والكفور البليغ الكفران . والمعنى أنه يذكر البلاء وينسى النعم ويغمطها . قيل : أريد به كفران النعمة . وقيل : أريد به الكفر بالله تعالى .