تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

شرح الله صدره : أناره بالإسلام وجعله مطمئنا .

فهو على نور : على هدى وبصيرة .

للقاسية قلوبهم : الجامدة المظلمة التي لا تلين .

هل كان الناس سواه ؟ أفمن دخل نورُ الإسلام قلبه وهداه الله فهو على بصيرة من ربه كمن أعرض عن ذكر الله ، وطُبع على قلبه ! ويلٌ لمن قسَت قلوبهم عن ذكر الله ، { أولئك فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وشتّان بين الفئتين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

{ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } أي : أفيستوي من شرح اللّه صدره للإسلام ، فاتسع لتلقي أحكام اللّه والعمل بها ، منشرحا قرير العين ، على بصيرة من أمره ، وهو المراد بقوله : { فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ } كمن ليس كذلك ، بدليل قوله : { فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ } أي : لا تلين لكتابه ، ولا تتذكر آياته ، ولا تطمئن بذكره ، بل هي معرضة عن ربها ، ملتفتة إلى غيره ، فهؤلاء لهم الويل الشديد ، والشر الكبير .

{ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } وأي ضلال أعظم من ضلال من أعرض عن وليه ؟ ومن كل السعادة في الإقبال عليه ، وقسا قلبه عن ذكره ، وأقبل على كل ما يضره ؟ "

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

قوله تعالى : { أفمن شرح الله صدره للإسلام } وسعه لقبول الحق . { فهو على نور من ربه } كمن أقسى الله قلبه .

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا ابن فنجويه حدثنا عبد الله بن محمد بن شيبة ، حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن يزيد الموصلي ببغداد ، أنبأنا أبو فروة ، واسمه يزيد بن محمد ، حدثني أبي ، عن أبيه ، حدثنا زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود قال : " تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } قلنا : يا رسول الله كيف انشراح صدره ؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ، قلنا : يا رسول الله وما علامة ذلك ؟ قال :الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والتأهب للموت قبل نزول الموت " . قوله عز وجل :{ فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين } قال مالك ين دينار : ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب ، وما غضب الله عز وجل على قوم إلا نزع منهم الرحمة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

ولما كان الذي قرر به أمراً فيما يظنه السامع ظاهراً كما كان جديراً بأن ينكر بعض الواقفين مع الظواهر تخصيص الألباء به ، سبب عن ذلك الإنكار في قوله : { أفمن شرح الله } أي الذي له القدرة الكاملة والعلم الشامل { صدره للإسلام } أي للانقياد للدليل ، فكان قلبه ليناً فانقاد للإيمان فاهتدى لباطن هذا الدليل { فهو } أي فيتسبب عن إسلام ظاهره وباطنه للداعي أن كان { على نور } أي بيان عظيم بكتاب ، به يأخذ ، وبه يعطي ، وإليه في كل أمر ينتهي قد استعلى عليه فهو كأنه راكبه ، يصرفه حيث يشاء ، وزاد في بيان عظيم هدايته بلفت القول إلى مظهر الإحسان فقال : { من ربه } أي المحسن إليه إحسانه في انقياده ، فبشرى له فهو على صراط مستقيم ، كمن جعل صدره ضيقاً حرجاً فكان قلبه قاسياً ، فكان في الظلام خابطاً ، فويل له - هكذا كان الأصل ولكن قيل : { فويل للقاسية قلوبهم } أي لضيق صدورهم ، وزاد في بيان ما بلاهم به من عظيم القسوة بلفت القول إلى الاسم الدال على جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى فقال : { من ذكر الله } فإن من تبتدئ قسوته مما تطمئن به القلوب وتلين له الجلود ، من مدح الجامع لصفات الكمال فهو أقسى من الجلمود .

ولما كان من رسم بهذا الخزي أخسر الناس صفقة أنتج وصفه قوله تعالى : { أولئك } أي الأباعد الأباغض { في ضلال مبين * } أي واضح في نفسه موضح أمره لكل أحد ، فالآية من الاحتباك : ذكر أولاً الشرح والنور دليلاً على حذف ضده ثانياً ، وثانياً الويل للقاسي والضلال دليلاً على حذف ضده أولاً - روى البيهقي في الشعب والبغوي من طريق الثعلبي والحكيم الترمذي من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ، قال : فقلنا : يا رسول الله ! كيف انشراح صدورهم ؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ، قلنا : يا رسول الله ؟ فما علامة ذلك ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت " وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري : والنور الذي من قبله سبحانه نور اللوائح بنجوم العلم ، ثم نور اللوامع ببيان الفهم ، ثم نور المحاضرة بزوائد اليقين ، ثم نور المكاشفة بتجلي الصفات ، ثم نور المشاهدة بظهور الذات ، ثم أنوار الصمدية بحقائق التوحيد ، فعند ذلك لا وجد ولا قصد ، ولا قرب ولا بعد ، كلا بل هو الله الواحد القهار ، وذلك كما قيل : المؤمن بقوة عقله يوجب استقلاله بعلمه إلى أن يبدو ومنه كمال تمكنه من وقادة بصيرته ، ثم إذا بدا له لائحة من سلطان المعارف تصير تلك الأنوار مقمرة ، فإذا بدت أنوار التوحيد استهلكت تلك الجملة ، فلما استبان الصبح أدرج ضوءه بأنواره أنوار تلك الكواكب .