تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

الإسلام : الانقياد والخضوع لأمر الله ، والإيمان : التصديق بما جاء عن الله من أمرٍ ونهى .

القنوت : الطاعة في سكون .

الصبر : تحمل المشاق والمكاره والعبادات والبعد عن المعاصي .

الخشوع : السكون والطمأنينة .

أعدّ الله لهم مغفرة : هيأ لهم الرحمة والغفران واحسن الجزاء .

ذكر الله تعالى في هذه الآية عشر صفات من صفات المؤمن المخلص الصادِق الإيمان ، وهي الإسلام ، والإيمان ، والقنوت ، والصدق ، والصبر ، والخشوع ، والتصدُّق ، والصوم ، وحفظ الفرْج ، وذِكر الله كثيرا .

فهذه الصفات تجعلُ من يتحلّى بها من المؤمنين رجلا مثاليا أو امرأة مثالية . ويلاحَظ أن الله تعالى لم يفرّق بين المرأة والرجل ، فالكل سواء في العمل والإيمان والأجر والكرامة وأيّ منزلة أرفعُ من هذه المنزلة للمرأة ، فهي تُذكر في الآية بجنب الرجل ، مع رفع قيمتها ، وترقية النظرة إليها في المجتمع وإعطائها مكانها اللائق في التطهر والعبادة والسلوك القويم في الحياة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }

لما ذكر تعالى ثواب زوجات الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وعقابهن [ لو قدر عدم الامتثال ]{[3]}  وأنه ليس مثلهن أحد من النساء ، ذكر بقية النساء غيرهن .

ولما كان حكمهن والرجال واحدًا ، جعل الحكم مشتركًا ، فقال : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ } وهذا في الشرائع الظاهرة ، إذا كانوا قائمين بها . { وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } وهذا في الأمور الباطنة ، من عقائد القلب وأعماله .

{ وَالْقَانِتِينَ } أي : المطيعين للّه ولرسوله { وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ } في مقالهم وفعالهم { وَالصَّادِقَاتِ } { وَالصَّابِرِينَ } على الشدائد والمصائب { وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ } في جميع أحوالهم ، خصوصًا في عباداتهم ، خصوصًا في صلواتهم ، { وَالْخَاشِعَاتِ } { وَالْمُتَصَدِّقِينَ } فرضًا ونفلاً { وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ } شمل ذلك ، الفرض والنفل . { وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ } عن الزنا ومقدماته ، { وَالْحَافِظَاتِ } { وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ [ كَثِيرًا } أي : ] {[4]}  في أكثر الأوقات ، خصوصًا أوقات الأوراد المقيدة ، كالصباح والمساء ، وأدبار الصلوات المكتوبات { وَالذَّاكِرَاتِ }

{ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ } أي : لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة ، والمناقب الجليلة ، التي هي ، ما بين اعتقادات ، وأعمال قلوب ، وأعمال جوارح ، وأقوال لسان ، ونفع متعد وقاصر ، وما بين أفعال الخير ، وترك الشر ، الذي من قام بهن ، فقد قام بالدين كله ، ظاهره وباطنه ، بالإسلام والإيمان والإحسان .

فجازاهم على عملهم { بِالْمَغْفِرَةً } لذنوبهم ، لأن الحسنات يذهبن السيئات . { وَأَجْرًا عَظِيمًا } لا يقدر قدره ، إلا الذي أعطاه ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، نسأل اللّه أن يجعلنا منهم .


[3]:- في ب: بتمييز.
[4]:- في ب: وأنزله.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

ولما حث سبحانه على المكارم والأخلاق الزاكية ، وختم بالتذكير بالآيات والحكمة ، أتبعه ما لمن تلبس من أهل البيت بما يدعو إليه ذلك من صفات الكمال ، ولكنه ذكره على وجه يعم غيرهم من ذكر وأنثى مشاكلة لعموم الدعوة وشمول الرسالة ، فقال جواباً لقول النساء : يا رسول الله ! ذكر الله الرجال ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به ، إنا نخاف أن لا يقبل منا طاعة ، بادئاً بالوصف الأول الأعم الأشهر من أوصاف أهل هذا الدين مؤكداً لأجل كثرة المنافقين المكذبين بمضمون هذا الخبر وغيرهم من المصارحين : { إن المسلمين } ولما كان اختلاف النوع موجباً للعطف ، قال معلماً بالتشريك في الحكم : { والمسلمات } .

ولما كان الإسلام مع كونه أكمل الأوصاف وأعلاها يمكن أن يكون{[55585]} بالظاهر فقط ، أتبعه المحقق له وهو إسلام الباطن بالتصديق التام بغاية الإذعان ، فقال عاطفاً له ولما بعده من الأوصاف التي يمكن اجتماعها بالواو للدلالة على تمكين الجامعين {[55586]}لهذه الأوصاف{[55587]} من{[55588]} كل وصف منها : { والمؤمنين والمؤمنات } ولما كان المؤمن{[55589]} المسلم قد لا يكون في أعماله مخلصاً قال : { والقانتين } أي المخلصين في إيمانهم وإسلامهم { والقانتات } ولما كان القنوت كما يطلق على الإخلاص المقتضي للمداولة قد يطلق على مطلق الطاعة قال : { والصادقين } في ذلك كله { والصادقات } أي في إخلاصهم في الطاعة ، وذلك يقتضي الدوام .

ولما كان الصدق - وهو إخلاص القول والعمل عن شوب يلحقه أو شيء يدنسه - {[55590]}قد لا{[55591]} يكون دائماً ، قال مسيراً إلى أن ما لا يكون دائماً لا يكون صدقاً في الواقع : { والصابرين والصابرات } ولما كان الصبر قد يكون سجية ، دل على صرفه إلى الله بقوله{[55592]} : { والخاشعين والخاشعات } ولما كان الخشوع - وهو الخضوع والإخبات والسكون - لا يصح مع توفير المال فإنه سيكون إليه ، قال معلماً أنه إذ ذاك لا يكون على حقيقته : { والمتصدقين } أي المنفقين أموالهم في رضى الله بغاية الجهد من نفوسهم بما أشار إليه إظهار التاء{[55593]} فرضاً وتطوعاً سراً وعلانية{[55594]} بما أرشد إليه الإظهار أيضاً{[55595]} تصديقاً لخشوعهم { والمتصدقات } .

ولما كان بذل المال قد لا يكون مع الإيثار ، أتبعه ما يعين عليه فقال : { والصائمين } أي تطوعاً للإيثار بالقوت وغير ذلك { والصائمات } ولما كان الصوم يكسر شهوة الفرج ، وقد يثيرها ، قال : { والحافظين فروجهم } أي عما لا يحل لهم بالصوم وما{[55596]} أثاره الصوم{[55597]} { والحافظات } ولما كان حفظ الفروج{[55598]} وسائر الأعمال لا تكاد توجد إلا بالذكر . وهو الذي فيه{[55599]} المراقبة الموصلة إلى المحاضرة المحققة للمشاهدة المحيية بالفناء قال : { والذاكرين الله } أي مع استحضار{[55600]} ما له من الكمال بصفات الجلال والجمال { كثيراً } بالقلب واللسان في كل حالة { والذاكرات } ومن علامات الإكثار من الذكر اللهج به عند الاستيقاظ من النوم .

ولما كان المطيع وإن جاوز الحد في الاجتهاد مقتصراً عن بلوغ ما يحق له ، أشار إلى ذلك سبحانه بقوله مكرراً الاسم الأعظم إشارة إلى ذلك وإلى صغر الذنوب إذا نسبت إلى عفوه : { أعد الله } أي الذي لا يقدر أحد أن يقدره حق قدره مع أنه لا يتعاظمه شيء { لهم مغفرة } أي لهفواتهم وما أتوه من سيئاتهم بحيث يمحو عينه وأثره ، فلا عتاب ولا عقاب ، ولا ذكر له سبب من الأسباب .

ولما ذكر الفضل بالتجاوز ، أتبعه التفضل{[55601]} بالكرم والرحمة فقال : { وأجراً عظيماً * } وإعداد الأجر يدل على أن المراد بهذه الأوصاف اجتماعها لأن مظهر الإسلام نفاقاً كافر ، وتارك شيء من الأوصاف{[55602]} متصف بضده ، وحينئذ يكون مخلاً بالباقي ، وأن المراد بالعطف التمكن والرسوخ في كل وصف منها زيادة على التمكن الذي أفاده التعبير بالوصف دون الفعل ، وحينئذ تعدم الكبائر فيتأتى{[55603]} تكفير الصغائر ، فتأتي المغفرة والأجر ، وأما آية التحريم{[55604]} فلم تعطف لئلا يظن أنهن أنواع كل نوع يتفرد بوصف ، وإفادة الرسوخ هنا{[55605]} في الأوصاف من سياق الامتنان والمدح بكونهن خيراً .


[55585]:زيد من ظ ومد.
[55586]:من ظ ومد، وفي الأصل: لها.
[55587]:من ظ ومد، وفي الأصل: لها.
[55588]:في ظ ومد: في.
[55589]:زيد من ظ ومد.
[55590]:من ظ ومد، وفي الأصل: فلا.
[55591]:من ظ ومد، وفي الأصل: فلا.
[55592]:من ظ ومد، وفي الأصل: قال الله سبحانه.
[55593]:زيد من ظ ومد.
[55594]:في ظ ومد: علنا.
[55595]:زيد من ظ ومد.
[55596]:في ظ ومد: مما.
[55597]:زيد في الأصل: منه، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[55598]:في ظ ومد: الفرج.
[55599]:في ظ: عنه، والكلمة ساقطة من مد.
[55600]:زيد من ظ ومد.
[55601]:من ظ ومد، وفي الأصل: التفضيل.
[55602]:زيد من ظ ومد.
[55603]:في ظ ومد: فيأتي.
[55604]:راجع آية 5.
[55605]:في ظ ومد: هناك.