تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

بسِيماهم : بعلامتهم .

ولتعرفنّهم في لحن القول : في أسلوبه الذي يتكلمون به ومغزاه .

ولو نشاء لعرّفناك يا محمد أشخاصَهم ، فعرفَته بعلاماتٍ خاصة بهم .

{ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول }

وأُقسِم أيّها الرسول ، لتعرفنّهم في أسلوب كلامهم المعوج ، { والله يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } .

وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الرسول الكريم كان يعرفهم جميعا ، وقد عرّفهم إلى حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل رضي الله عنه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ } أي : بعلاماتهم التي هي كالوسم في وجوههم . { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } أي : لا بد أن يظهر ما في قلوبهم ، ويتبين بفلتات ألسنتهم ، فإن الألسن مغارف القلوب ، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر { وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } فيجازيكم عليها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

< ولو نشاء لأريناكهم } لعرفناكهم { فلعرفتهم بسيماهم } بعلامتهم { ولتعرفنهم في لحن القول } في معنى كلامهم إذا تكلموا معك

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

" ولو نشاء لأريناكهم " أي لعرفناكهم . قال ابن عباس : وقد عرفه إياهم في سورة " التوبة " {[13956]} . تقول العرب : سأريك ما أصنع ، أي سأعلمك ، ومنه قوله تعالى : " بما أراك الله " {[13957]} [ النساء : 105 ] أي بما أعلمك . " فلعرفتهم بسيماهم " أي بعلاماتهم . قال أنس . ما خفي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحد من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم . وقد كنا في غزاة وفيها سبعة من المنافقين يشك فيهم{[13958]} الناس ، فأصبحوا ذات ليلة وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب ( هذا منافق ) فذلك سيماهم . وقال ابن زيد : قدر الله إظهارهم وأمر أن يخرجوا من المسجد فأبوا إلا أن يتمسكوا بلا إله إلا الله ، فحقنت دماؤهم ونكحوا وأنكحوا بها . " ولتعرفنهم في لحن القول " أي في فحواه ومعناه . ومنه قول الشاعر :

وخيرُ الكلامِ ما كانَ لَحْنًا

أي ما عرف بالمعنى ولم يصرح به . مأخوذ من اللحن في الإعراب ، وهو الذهاب عن الصواب ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ] أي أذهب بها في الجواب لقوته على تصريف الكلام . أبو زيد : لحنت له ( بالفتح ) ألحن لحنا إذا قلت له قولا يفهمه عنك ويخفى على غيره . ولحنه هو عني ( بالكسر ) يلحنه لحنا أي فهمه . وألحنته أنا إياه ، ولاحنت الناس فاطنتهم ، قال الفزاري :

وحديثٍ ألذُّه هو مما *** ينعَت الناعتون يوزن وزنا

منطقٌ رائع وتلحَنُ أحيانا *** وخير الحديث ما كان لَحْنَا

يريد أنها تتكلم بشيء وهي تريد غيره ، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من فطنتها وذكائها . وقد قال تعالى : " ولتعرفنهم في لحن القول " . وقال القتال الكلابي :

ولقد وَحَيْت{[13959]} لكم لكَيْما تفهموا *** ولحنت لحنا ليس بالمرتاب

وقال مرار الأسدي :

ولحنتِ لحنًا فيه غِشٌّ ورابني *** صدودُك تُرْضين الوشاةَ الأعادِيَا

قال الكلبي : فلم يتكلم بعد نزولها عند النبي صلى الله عليه وسلم منافق إلا عرفه . وقيل : كان المنافقون يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم بكلام تواضعوه فيما بينهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك ويأخذ بالظاهر المعتاد ، فنبهه الله تعالى عليه ، فكان بعد هذا يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم . قال أنس : فلم يخف منافق بعد هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عرفه الله ذلك بوحي أو علامة عرفها بتعريف الله إياه . " والله يعلم أعمالكم " أي لا يخفى عليه شيء منها .


[13956]:راجع ج 8 ص 196.
[13957]:آية 105 سورة النساء.
[13958]:في نسخ الأصل: "يشكونهم".
[13959]:في اللسان: " لحنت".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

ولما{[59837]} علم من ذلك إحاطة علمه سبحانه وتعالى وشمول قدرته علم ما له سبحانه من باهر العظمة وقاهر العزة ، فنقل الكلام إلى أسلوبها تنبيهاً على ذلك عاطفاً على ما تقديره : خابت{[59838]} ظنونهم وفالت{[59839]} آراؤهم فلنخرجن{[59840]} ما يبالغون في ستره حتى لا ندع منه شيئاً يريدون إخفاءه{[59841]} إلا كشفناه وأبديناه للناس وأوضحناه ، فإنا نعلمهم ونعلم ذلك منهم من قبل أن نخلقهم ، فلو نشاء لفضحناهم حتى يعرفهم الناس أجمعون ، فلا يخفى منهم أحد على أحد منهم-{[59842]} فقال تعالى : { ولو } ويجوز أن تكون واو للحال أي أم حسبوا ذلك والحال أنا لو { نشاء } أي وقعت منا مشيئة الآن أو قبله أو بعده . ولما كانوا لشدة جهلهم لا يتصورون أن سرائرهم كلها معلومة مقدور على أن يعلمها بشر{[59843]} مثلهم ، أكد قوله : { لأريناكهم } {[59844]}أي رؤية تامة كاشفة لك الغطاء عنهم{[59845]} { فلعرفتهم } أي فتعقبت رؤيتك إياهم معرفتك لهم أنت بخصوصك { بسيماهم } أي بسبب علاماتهم التي نجعلها عالية عليهم غالبة لهم-{[59846]} في إظهار ضمائرهم عليها لا{[59847]} يقدرون على مدافعتها بوجه ، ولم يذكرهم سبحانه بأسمائهم إبقاء{[59848]} على قراباتهم المخلصين{[59849]} من الفتن .

ولما انقضى ما علق بالمشيئة مما كان ممكناً له في الماضي وغيره ، عطف عليه ما يجزه له مما كشف من أمرهم في المستقبل فقال مؤكداً لاستبعاد من يستبعد ذلك منهم أو ممن شاركهم{[59850]} في مرض القلب من غيرهم فقال في جواب قسم محذوف دل عليه باللام{[59851]} : { ولتعرفنهم } أي بعد هذا الوقت{[59852]} معرفة تتجدد بحسب تجدد أقوالهم مستمرة باستمرار ضمائرهم الخبيثة وإسرارهم { في لحن القول } أي الصادر منهم ، ولحنه فحواه{[59853]} أي معناه و-{[59854]} مذهبه وما يدل عليه ويلوح به من مثله عن حقائقه إلى عواقبه وما {[59855]}يؤول إليه{[59856]} أمره مما يخفى على غيرك ، وقال ابن برجان : هو ما تنحو إليه بلسانك أي تميل{[59857]} إليه ليفطن لك صاحبك وتخفيه على من لم يكن له عهد بمرادك ، وعلى القول بالتحقيق فلحن القول ما يبدو من غرض الكلام وخفيات الخطاب وسياق اللفظ وهيئة السحنة حال القول وإن لم يرد المتكلم أن يظهره ولكنه على الأغلب يغلبه حالاً ، فلا يقدر على كل كتمه وإن كان في تكليمه معتمداً على ذلك ، وحقيقته حال يلوح عن السر وإظهار كلام الباطن يكاد يناقض كلام اللسان بحال خفية ومعان يقف{[59858]} عليها باطن التخاطب و-{[59859]} قال :

ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا{[59860]} *** واللحن يعرفه ذوو الألباب

وقال آخر-{[59861]} :

عيناك قد دلتا{[59862]} عيناي منك على *** أشياء لولاهما ما كنت أدريها

وقال أبو حيان{[59863]} : كانوا اصطلحوا على الفاظ يخاطبون بها الرسول صلى الله عليه وسلم مما ظاهره حسن ويعنون به القبيح ، وقال الأصبهاني : وقيل للمخطىء : لاحن لأنه يعدل بالكلام عن الصواب : وقال البغوي{[59864]} : للحن{[59865]} وجهان{[59866]} : صواب وخطأ-{[59867]} ، فالفعل من الصواب لحن يلحن لحناً فهو لحن - إذا فطن{[59868]} للشيء ، والفعل من الخطأ لحن يلحن لحناً فهو لاحن ، والأصل فيه إزالة الكلام عن جهته ، قال-{[59869]} : فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه ، وقال الثعلبي : وعن أنس رضي الله عنه : ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم ، ولقد كنا في غزوة وفيها سبعة من المنافقين-{[59870]} يشكرهم{[59871]} الناس فناموا ذات ليلة وأصبحوا على جبهة كل واحد منهم مكتوب " هذا منافق " ومثل ابن عباس رضي الله عنهم بقوله : " ما لنا إن أطعنا من الثواب " قال : ولا يقولون : ما لنا-{[59872]} إن عصينا من العقاب{[59873]} .

ولما أخبر سبحانه أنه يعلم ظواهرهم وبواطنهم ، وأنه يجليهم لنبيه صلى الله عليه وسلم في صور ما يخفونه من أقوالهم ، وأكد ذلك لعلمه بشكهم{[59874]} فيه ، واجههم بالتبكيت زيادة في إهانتهم عاماً لغيرهم إعلاماً بأنه محيط بالكل{[59875]} فقال عاطفاً على ما تقديره : فالله يعلم أقولكم : { والله } أي مما له من صفات الكمال{[59876]} { يعلم أعمالكم * } كلها الفعلية والقولية جليها وخفيها ، علماً{[59877]} ثابتاً غيبياً وعلماً راسخاً شهودياً يتجدد بحسب تجددها مستمراً باستمرار ذلك .


[59837]:زيد في الأصل: كان قد، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59838]:من ظ ومد، وفي الأصل: حات.
[59839]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: قالت.
[59840]:زيد في الأصل و ظ: على، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59841]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: خفاءه.
[59842]:زيد من م ومد.
[59843]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بشد.
[59844]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59845]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59846]:زيد من م، ومد.
[59847]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فلا.
[59848]:من مد، وفي الأصل و ظ وم: آنفا.
[59849]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: المخلصون.
[59850]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: شاكلهم.
[59851]:زيد في الأصل: بقوله تعالى، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59852]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: القول.
[59853]:من ظ ومد، وفي الأصل: نجواه.
[59854]:زيد من ظ و م ومد.
[59855]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يدل عليه.
[59856]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يدل عليه.
[59857]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تمثل.
[59858]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يناقص.
[59859]:زيد من ظ و م ومد.
[59860]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: نفهموا.
[59861]:زيد من ظ و م ومد.
[59862]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: دليا.
[59863]:راجع البحر المحيط 8/85.
[59864]:في معالم التنزيل بهامش اللباب 6/153.
[59865]:من م ومد والمعالم، وفي الأصل و ظ: اللحن.
[59866]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن الزيادة في م ومد والمعالم فحذفناها.
[59867]:زيد من ظ و م ومد والمعالم.
[59868]:من م ومد والمعالم، وفي الأصل و ظ: تفظن.
[59869]:زيد من م ومد والمعالم.
[59870]:زيد من م ومد.
[59871]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: سكرهم.
[59872]:زيد من ظ و م ومد.
[59873]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: العقبات.
[59874]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بشكرهم.
[59875]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: للكل.
[59876]:سقط من ظ و م ومد.
[59877]:زيد في الأصل: شافيا، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

قوله : { ولو نشاء لأريناكهم } لو نشاء لعرفناك أشخاص هؤلاء المنافقين فعرفتهم عيانا { فلعرفتهم بسيماهم } أي فلتعرفنهم بعلامات النفاق التي تبدوا من سلوكهم وتصرفهم ، في نظراتهم وخطابهم وقسمات وجوههم { ولتعرفنهم في لحن القول } و { لحن القول } فحواه ومعناه{[4245]} أي فلتعرفنهم مما يبدو من كلامهم الذي يكشف عن مقاصدهم وأسرارهم . قال عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) : ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه .

قوله : { والله يعلم أعمالكم } الله خبير بما يعلمه الناس من خير أو شر فلا يخفى عليه من ذلك شيء .


[4245]:مختار الصحاح ص 594