تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

مقدمة السورة:

سور المدثر مكية وآياتها ست وخمسون ، نزلت بعد سورة المزمل . وهي من أوائل ما نزل من القرآن الكريم ، فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث عن فترة الوحي ( يعني أنه بعد نزول الوحي بمدة فَتَرَ بعض الوقت ) فقال : بينما أنا أمشي في جبل حراء إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري قِبَلَ السماء ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء بين السماء والأرض ، فهويت على الأرض ، وخفت ورجعت إلى أهلي فقلت : دَثّروني دثروني ، وصبّوا عليّ ماء باردا ، فأنزل الله تعالى { يا أيها المدثر قم فأنذر } إلى قوله تعالى { والرّجز فاهجر } .

وقد اشتملت السورة على الإنذار ، وتكبير الله ، وتطهير النفس من دنيء الأخلاق وتطهير الثياب للمؤمن ، وهذا يعني أن النظافة من أهم أصول الإسلام . وفيها الأمر للرسول بالصبر على أذى المشركين وهجر الأوثان وكل ما يؤدي إلى العذاب ، وتهذيب الرسول الكريم وتعليمه أن لا يمنّ على أصحابه بما يعلّمهم من أمر الدين والوحي كالمستكثر بذلك عليهم ، ولا على الفقراء بما يعطيهم استكثارا لتلك العطايا ، وإنما عليه أن يتجه إلى الله تعالى . . . . فإن الخلق عباده والرسول الكريم أب لهم ومعلم ومرشد .

فأما الكفار الجاحدون فإنهم سيلقَون جزاءهم يوم ينفخ في الصور . ثم ذكر أوصاف بعض هؤلاء المعاندين وأحد جبابرتهم ، وهو الوليد بن المغيرة ، وأنه أعطي مالا كثيرا وعشيرة ورياسة ووجاهة ، ووصفه بالعناد والعبوس والاستكبار ، وكيف أنه استهزأ بالقرآن الكريم وقال عنه إنه سحر يؤثَر ،

وما ينتظر هذا الرجل من العذاب يوم القيامة ، يوم يُدخله الله سَقَرَ التي عليها تسعة عشر من الملائكة . . إلى آخر ما سيأتي من عظيم أمرها . ثم ذكر أن كل نفس مرهونة بعملها ، وأن المؤمنين يتمتعون في جنات النعيم ، ويتساءلون عن المجرمين : ما الذي أدخلكم سقر ؟ فيقر أولئك بذنوبهم ، بأنهم لم يؤمنوا ، ولم يتصدّقوا على الفقراء والمساكين ، وكانوا يكذّبون بيوم الدين . ففي ذلك اليوم لا تنفعهم شفاعة ، بل يكونون كالحمير الفارّة من الأسد بفعل الخوف والجزع ، وأن هذا القرآن { تذكرة ، فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة . . . . } .

المدّثر : أصلُه المتدثر وهو الذي يتغطَّى بثيابه ويلتفّ بها .

يا أيها الذي تدثَّر بثيابه رعباً وخوفاً من رؤية الملَكِ .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي خمسون آية

{ يا أيها المدثر } أي المتدثر في ثوبه قم فأنذر { الناس } { وربك فكبر } فصفه بالتعظيم

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

في سبب نزول هذه السورة روى البخاري عن أبي سلمة قال : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك فقال : لا أحدثك إلا ما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت أمامي فلم أر شيئا ونظرت من خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا فأتيت خديجة فقلت : دثروني وصبوا علي ماء باردا " قال " فدثروني وصبوا علي ماء باردا " فنزلت :

بسم الله الرحمان الرحيم

ياأيها المدثّر 1 قم فأنذر 2 وربك فكبر 3 وثيابك فطهر 4 والرجز فاهجر 5 ولا تمنن تستكثر 6 ولربك فاصبر 7 فإذا نقر في الناقورة 7 فذلك يومئذ يوم عسير 9 على الكافرين غير يسير } .

{ المدثّر } أصلها المتدثر . أبدلت التاء دالا وأدغمت في الدال بعدها فصارت المدثر{[4679]} والمدثر ، من الدثار وهو كل ما كان من الثياب أو الكساء فوق الشعار وهو ما يلي الجسد من الثياب . وقد تدثر أي تلفف في الدثار{[4680]} . والمعنى : ياأيها المتدثر بثيابه أو قطيفته عند نومه . أو ياأيها الذي تغشى بثيابه ونام . وهذا خطاب ملاطفة ورحمة من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم .


[4679]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 473.
[4680]:مختار الصحاح ص 198 والمصباح المنير جـ 1 ص 203.