الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ} (179)

أخبر تعالى أنه خلق للنار أهلا بعدله . ثم وصفهم فقال " لهم قلوب لا يفقهون بها " بمنزلة من لا يفقه ؛ لأنهم لا ينتفعون بها ، ولا يعقلون ثوابا ولا يخافون عقابا . و " أعين لا يبصرون بها " الهدى . و " آذان لا يسمعون بها " المواعظ . وليس الغرض نفي الإدراكات عن حواسهم جملة كما بيناه في " البقرة{[7488]} " . " أولئك كالأنعام بل هم أضل " لأنهم لا يهتدون إلى ثواب ، فهم كالأنعام ؛ أي همتهم الأكل والشرب ، وهم أضل لأن الأنعام تبصر منافعها ومضارها وتتبع مالكها ، وهم بخلاف ذلك . وقال عطاء : الأنعام تعرف الله ، والكافر لا يعرفه . وقيل : الأنعام مطيعة لله تعالى ، والكافر غير مطيع . و " أولئك هم الغافلون " أي تركوا التدبر وأعرضوا عن الجنة والنار .


[7488]:راجع ج 1 ص 214